الكويت وين..؟!

 

 

 

أعود إلى عام 1975.. متخرّج حديثاً في ثانوية العديلية، وقدمت على بعثة جامعية لأميركا. وقبل سفري التقيت أحد الطلبة الدارسين هناك واعطاني نصيحتين؛ الأولى هي أن بعد أسبوعين ستشعر بحنين غير طبيعي للوطن، وكل ما ستتمناه هو العودة، وكانت أول مرة أسمع فيها مصطلح «هوم سك». أما النصيحة الثانية، فهي عن كيفية اتصالي بالكويت التي أجبت عنها: أكيد بالتلفون! ضحك، وقال: أدري بالتلفون بس خلني أختصر عليك المهمة. ما ان تصل الى الملحق الثقافي في واشنطن، فستجد السفارة قد رتبت لكل مجموعة من الطلبة معهد لغة في إحدى الولايات، وما ان تصل الى المعهد فستلتحق بسكن الطلبة هناك، وفي السكن يوجد هاتف عمومي، تتصل على البدالة، وتطلب منها الاتصال بالكويت، وهي ستسألك: وين الكويت؟! فلا تتعب نفسك وتشرح لها، عطها هذا الكود، وهي راح تعرف، وتسألك: من سيدفع؟ انت أم مستقبل المكالمة؟ قولها المستقبل. طبعاً، كل اللي قاله صاحبي وقتها كان طلاسم بالنسبة لي، فكتب لي المحادثة باللغة الإنكليزية لكن بأحرف عربية حتى لا أنسى! المهم حطيت هذي القطاعة في مخباتي. وبالفعل مع محاولتي الاتصال بالكويت أول مرة ردت البدالة بجهلها عن مكان الكويت، فتذكرت صاحبي وطلعت القطاعة وتتبعتها ومشى الحال. وفعلاً قبل الغزو الغاشم، لم تكن الكويت معروفة لدى الشعوب الغربية، هم يعرفون السعودية وإيران، ولكن نادراً الكويت. مع عملية التحرير أصبحت الكويت محط أنظار العالم، ولكن سرعان ما أفل نجمها، فالأوروبيون من الجيل الجديد عادوا يجهلون موقع الكويت. ففي إجازتي الحالية مع الأحفاد في لندن، لاحظ حفيدي تلك الظاهرة وسألني: ليش الكويت محد يعرفها؟ شالسالفة؟! وفي اليوم الثاني أثناء وجودنا في مطعم تركي توجهت المضيفة التركية الأصل كذلك بالسؤال إلى حفيدي الذي أجابها: من الكويت، وكررت السؤال الكويت وين؟ فطنة حفيدي دفعته إلى الإجابة: في دبي! وهنا سرت المضيفة، وقالت: ذهبت إلى دبي وسأزوها من جديد، فبلدكم حقّاً جميل. طبعاً كلنا سكتنا وكشخنا بدبي، ولكن الحفيد أصر على سؤاله: ليش محد يعرفنا وليش السياح ما يجونا؟! احترت ولم أجب عليه، فكيف أشرح له إذا السائح دخل عندنا الكويت سنطالبه بفتح فمه وأخذ عينة DNA منه، وعندنا بنك حق هالشغلة واللي محد سواها غيرنا في مخالفة لحقوق الإنسان ومع اعتراض هيئة الأمم المتحدة عليها! أم أشرح له كيف وفدنا بأولمبياد ريو يشارك من دون علم الكويت ويرفعون راس الكويت بميدالية ذهبية وعلى حسابهم الخاص، وكيف مؤسسات الدولة في سبات عميق ما يدرون وين الله حاطهم. ولقسوة الجواب، قلت أسكت أحسن وأكمل عشاي حتى لا تنسد نفسي!

 

عدنان عبدالله العثمان

المصدر: جريدة القبس ١٥ أغسطس ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني)

الكويت وين Pdf

عدد الزائرين:

92 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr