الوصيــة الأولى

 

 كتب المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان وصيتين. نبدأ باسم الله باستعراض الوصية الأولى وهي المؤرخة بتاريخ 30\6\1956 و المكتوبة بخط يده.  ( وثيقة الوصية الأولى )

 " أبدأ وصيتي بقوله تعالى ( يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون )"

 بذكــر تلك الآية الكريمــة يستهل المرحــوم وصيتـه لأبنائـه بأعظـم مــا يوصـي به المؤمــن ألا وهو تقوى الله والاعتصــام بدينــه. وهــي إن تأملنــا بها وصية أب يخشى على أبنائه ما يأتي به المال من شقاق وفرقة بين الأخــوة إذا ما جانبــه الإيمان و تقــوى الله. فكان أن استهل وصيته بالآية الكريمة عساها تكون ذكرى تنفع المؤمنين.

 حتى إذا ما أتم المرحوم أهم وصاياه إلى أبنائه انتقل إلى وصيته في ثلث ماله و جل اهتمامه ألا وهو العمل الخيري. و يلاحظ أن المرحوم راعى التراتبية في تصريف أموال الثلث فيما يختص بالجانب الخيري فكان أن ابتدأ بالأبر إلى البر و ما كان من عمل أبر من عمارة بيوت الله . 

الجوامع 

" إن ثلث مالي يرفع منه نفقات بناء المساجد الآتية :أولاً :   جامع ضيعة بحمدون و له أيضاً مبلغ مائة و خمسين ألف روبية يشتري بها وقف عليه في لبنان وريع هذا المبلغ يدفع منه راتب للإمام و راتب للمؤذن و راتب للخادم و ما تبقى سنوياً تحتفظ به أوقاف لبنان لتنميته و لأخذ عقار تابع للجامع كوقف أيضاً ثانياً :   جامع النقرة الذي في محلة بيوتنا يتم بناؤه درجة أولى و يسلم لدائرة الأوقاف بالكويت.ثالثاً :   جامع في خيطان يتم بنائه درجة أولى و يسلم لدائرة الأوقاف في الكويت. " 

أول الجوامع التي أوقف المرحوم جزءاً من ماله في سبيل إعمارها هو جامع ضيعة بحمدون. إذ أوقف من ثلث ماله مبلغ مائة و خمسين ألف روبية "لشراء وقف في لبنان على أن يعــود ريــع هــذا الوقف على الجامع و دفع راتب الإمــام والمــؤذن وكذلك الخادم ومــا يتبقى من ريع سنــوي تحتفظ به أوقــاف لبنـــان لتنميته ولأخــذ عقــار تابــع للجــامع كوقف أيضاً". ولا يمكن المرور على وصية المرحوم ببناء جامع بحمدون دون التطرق إلى الأهمية التاريخية والدينية والاجتماعية التي حققها بناء هذا الجامع. إذ يعد جامع ضيعة بحمدون الجامع الأول في تاريخ جبل لبنان وهي المنطقة ذات الهوية المسيحية الدرزية. ولا يزال يتردد إلى يومنا هذا صدى حكاية بناء هذا الجامع إذ اعترض البعض بعد بنائه على صوت الأذان , فما كان من المرحوم إلا أن عرض شراء كافة العقارات المحاذية للجامع التي يصلها الأذان وبضعف ثمنها حتى يجعل من هذا الجامع بيتاً من بيوت الله العامرة. و الحمدلله الذي قدر أن يبنى هذا الجامع في عهد المرحوم عبدالله العثمان فيقر عينه بما صنع في جو من التسامح والتآلف الديني الإسلامي المسيحي الذي قل نظيره في تاريخ لبنان المثقل للأسف إلى يومنا هذا بالطائفية والعداء. 

 

أما ثاني الجوامع فهو جامع النقرة في الكويت والذي كان تحت الإنشاء في ذلك الوقت حيث تم افتتاحه عام 1958. وقد خشي المرحوم أن يتوفى قبل أن يستكمل بناء الجامع فحرص على أن يوصي "بتكملة بنائه درجة أولى و يسلم لدائرة الأوقاف في الكويت". وقد احتل جامع النقرة على مر السنين منزلة عزيزة في قلوب أهل ومحبي عبدالله العثمان إذ يقع الجامع كما وصف المرحوم " في محلة بيوتنا "  فكان امتداداً لإرثه الإيماني والاجتماعي والخيري بين الناس إلى يومنا هذا. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن جامع النقرة قد أعيد ترميمه من قبل الأمانة العامة للأوقاف حيث أعيد افتتاحه في تاريخ 29 سبتمبر 2003م. و نحن إذ نشكر جهود الأمانة العامة للأوقاف على ما بذلته من جهد ومال و إخلاص في العمل إلا أن ما يضيق له صدرنا هو حقيقة أن هذا الإنجاز لم يتم المساهمة فيه من أموال الثلث الخيري الخاص بالمرحوم والذي كان في ذلك الوقت تحت الوصاية  المطلقة للهيئة العامة لشؤون القصر مما يشكل وللأسف نقطة سوداء تعكس مدى ضرورة تنفيذ الوصية بروحيتها وبنودها كاملة دون اجتزاءٍ أو نقصان. 

أما ثالث الجوامع فهو جامع في خيطان " يتم بنائه درجة أولى و يسلم لدائرة الأوقاف في الكويت" . و كان له ذلك بعد وفاته من ثلث ماله و تنفيذاً لوصيته . 

المستشفى الأمريكاني

 " تعيين ثلاثمائة ألف روبية تابعة للغرفتين اللتين لنا في المستشفى الأمريكاني و يتولى هذا المبلغ دائرة الأيتام في الكويت لتنسيقه على أن تدفع من أرباحه نفقات علاج المرضى من فقــراء الكويت المعوزين الذين يريدون علاجه في المستشفى المذكور حسب رغبتهم و لا يمنعون عن ذلك . "

 

 ومن عمارة المساجد حباً في رب العباد ينتقل عبدالله العثمان في وصيته إلى أوجه الإحسان في حياة العباد مقدماً فرج أعظم الكرب التي قد تصيب الإنسان ألا و هو المرض في وقت الحاجة والعوز. وكان المرحوم قد كفل في حياته غرفتين لعلاج الفقراء في المستشفى الأمريكاني. إلا أن المرحوم قد خشي أن يوقف هذا المشروع الخيري بوفاته فيمنع الفقراء من الاستفادة منه فوصى من ثلث ماله في كفالة العلاج وفقاً للصيغة التي وردت في وصيته. ولا بد للقارئ هنا أن يطلع بعين ثاقبة على ما تضمنته وصية المرحوم عبدالله العثمان فيما يختص بعلاج المرضى من الفقراء و المعوزين. إذ تكفل المرحوم في حياته بعلاج المرضى وإقامتهم في المستشفى الأمريكاني, و هو ما يعد المستشفى الأفضل و الأكثر تطوراً في المنطقة بذلك التاريخ.فكانت له غرفتين يقدم فيهما للفقراء الخدمة الطبية الأفضل هي ذاتها التي يتلقاها الغني المقتدر. وعليه يمكننا القول أن ما وصى به المرحوم وما عمل به في حياته إنما هو نواة لمشروع نظام وقفي صحي متكامل إذا ما عمل به و تحقق عم خيره على المجتمع بأطيافه. إذ أن في اعتماد المرحوم عبدالله العثمان لمبدأ كفالة علاج المرضى انعكاس لفكره الشمولي والعملاني فيما يتعلق بمفهوم التكافل الاجتماعي كأساس في العمل الخيري. فالمرحوم لم يوص ببناء مرفق صحي أو توفير أجهزة طبية بعينها قد تبلى مع مرور الزمن أو نتيجة سوء الإدارة أو نقص في الكفاءة الطبية والتمريضية, بل تكفل عوضاً عن ذلك بتوفير خدمة طبية متكاملة و متميزة بجناحيها البشري والمادي وتحمل كافة المصاريف اللازمة لتحقيق ذلك. والأصل في التمويل المالي هنا هو التنمية . إذ أوصى المرحوم بأن تتولى دائرة الأيتام تنمية المبلغ المستقطع من أصل الثلث و البالغ قدره ثلاثمائة ألف روبية في مشاريع تخدم المجتمع و الإنفاق من أرباحه على علاج المرضى سواء من حيث توفير الأجهزة أو الطاقم الطبي أو المرافق اللازمة. وهكذا يضحى الوقف الصحي وقفاً متجدداً شاملاً مواكباً للتطور الطبي و حاجة المجتمع, و يعود السبب  في ذلك لعدم محدودية الوقف بجهاز أو مرفق أو مبنى إذا ما بلي أو انتهت صلاحيته استلزم تبرعاً أو وقفـاً آخـر لتطويـره وإلى حين يتحقق ذلك يضطر المرضى إلى تحمل خدمة طبية متواضعة لا تعبر عن الهدف السامي لوقف صاحبها .  

        ونحن هنا إذ نشير إلى الدراسة المبدئية التي أعددناها حول تطوير النظام الصحي الوقفي في دولة الكويت ( ملف الدراسة ) . 

 وتطرح هذه الدراسة فكراً جديداً في الاتجاه الخيري مستوحى من وصية المرحوم وعمله الخيري . ويقوم هذا الفكر على ربط عدة جهات مانحة سواء كانت حكومية أو قطاع خاص تحت مظلة وقفية تهدف إلى تقديم خدمة مباشرة للمجتمع و العمل بشكل تجاري مع ربط تلك المشاريع بقنوات خيرية تقدم هذه الخدمة لمن هو في حاجة من الفقراء و المساكين دون مقابل . وقد أعدت هذه الدراسة بناءً على طلب السيد معالي وزير العدل والأوقاف السابق الدكتور عبدالله المعتوق والذي قام بدوره بإحالتها إلى الأمانة العامة للأوقاف. لكن للأسف لم يؤخذ بها مأخذ الجد حيث لم يتم إيفاء هذه الدراسة حقها من القراءة المتأنية فجاء الرد سلبياً. ومن المعلوم أن مثل هذه المشاريع بحاجة إلى حاضن من الجهات الرسمية ذات الصفة بالعمل الخيري لما توفره الجهات الحكومية المعنية  من إمكانات و طاقات و خبرات فريدة ومتنوعة , وعليه لم تأت الدراسة بغرض الإيحاء بتقصير لا سمح الله من قبل الأمانة العامة للأوقاف المشهود لها بالتفاني في العمل الخيري بل هدفت لإرساء عمل مشترك قائم على التعاون في سبيل الله و خدمة المجتمع. ومــا دمنا بصـدد الحديث عــن الاقتراحات الجاري العمــل علـــى دراستها, نجد أن من المناسب أن نشير إلى نظام وقفي مبني على فكر المرحوم عبدالله العثمان و نهجه في العمل الخيري ألا وهو.... نظام الاستقطاع الوقفي. 

 أجاز قانون دولة الكويت لثلاث مؤسسات هي:-الأمانة العامة للأوقاف , بيت الزكاة ، والهيئة العامة لشئون القصر صلاحية التعامل مع الأوقاف والوصايا. وتحظى الأوقاف والوصايا باهتمام بالغ من قبل الدولة لما عرف عن دورها الحيوي الحاسم في حفظ تراث الإسلام و نصرته على مر التاريخ الإسلامي وذلك بما يصرف من ريع الأوقاف على الدعاة والمساجد والمجاهدين و غيرها من أوجه الخير. لكن ما يغيب عن ذهن الكثير من الناس أن الوقف لا يقتصر على المبرات فقط بل إن الأقربون أولى بالمعروف و عليه يجب النظر إلى الوقف أو الوصية من منظور اجتماعي على أنها أداة مستقبلية لتأمين احتياجات لاحقة .  وقد اتضح لنا من خلال ممارستنا للعمل الخيري و معالجة حالات الإعسار أن سوء التخطيط المالي أو انعدامه لدى أرباب الأسر هو ما أدى ويؤدي إلى انحدار وضعها المالي واضطرارها إلى طرق باب القروض و طلب معونة الهيئات الخيرية المختصة. ومن المعلوم لدى الجميع أن السواد الأعظم من العائلات الكويتية تتمثل في قطاع الموظفين ذوي الدخل المتوسط الذين اضطروا إلى اقتراض مبالغ كبيرة سواء كان لتأمين المسكن أو العلاج أو الاحتياجات الاستهلاكية. وغالباً ما نجد أن في حال وفاة رب الأسرة لا يرث الأبناء سوى الديون فينهار حينها الوضع المالي المستقر للأسرة نتيجة لغياب المعيل سواء كان الزوج أو الزوجة أو كلاهما. وحتى نجنب المجتمع الكويتي تلك الصور من المعاناة نتوجه باقتراحنا للحل التالي:-  أن تقوم الجهات المختصة في العمل الوقفي بتأسيس منتج وقفي ذو استقطاع شهري يتم تسويقه للعامة وتعريفهم إلى فوائده في حل الكثير من الصعوبات المالية التي تواجه الأسر كالإنفاق على العلاج والتعليم. ويتم تطوير هذا النظام الوقفي كمنتج يحاكي في روحيته و نظامه وصية المرحوم ثم يسوق من خلال جهات اقتصادية ذات مصداقية عالية و ذلك تحت مظلة الحكومة ورعايتها. ولا بد من لفت النظر إلى أن هذا الوقف لا ضريبة عليه ولا زكاة كما لا يجوز الحجز عليه من قبل البنوك أو جهات دائنة أخرى. وللواقف حرية تحديد أوجه الصرف إن من جهة تأمين الأسرة من حيث تغطية نفقات العلاج والتعليم أو من جهة صرفه في أوجه الخير المتعددة من كفالة يتيم و بناء المساجد. أما الأموال المودعة في الحسابات الوقفية فيتم استثمارها عبر مؤسسات ذات باع طويل في الاستثمار الآمن داخل السوق المحلي. وهذا من شأنه أن ينعش حركة الاقتصاد الكويتي من خلال توفير رافد مالي متجدد يستثمر في مشاريع تخدم المجتمع وفي ذات الوقت يؤمن من خلال ريعه على استقرار المجتمع المادي و الأسري .  ونـدرج تلك الــرؤى فـى خضـم وصيـة المرحـوم / عبداللـه عبداللطيـف العثمـان – لربما  فى وقت من زمان ومكان  - نرى من يضعها موضع التنفيذ لما بها من خير للبـــلاد والعبــــاد . 

الأقارب و صلة الرحم و إسقاط الديون 

" تعطى الأخت طرابة أرض في النقرة مساحتها سبعين فوت طول في سبعين فوت عرض و يعين لها مبلغ أربعين ألف لبناء البيت . يوزع مبلغ مائة ألف روبية على كل من الأخوات طرابة و موضي و شيخة و سارة و لطيفة بنات عبداللطيف العثمان و يسقط الدين الذي على حسين بن الخال علي العميري . و تسقط الديون من الألف روبية و نازل التي على المديونين . "

ولم يكن المرحوم عبدالله العثمان لينس فضل وصل الرحم عملاً بالآية الكريمة "والأقربون أولى بالمعروف" فأعطى أخواته ما هو مذكور في الوصية و أسقط الدين عن أقاربه . و قد حرص المرحوم على أن يبقى السند لأخواته في الممات كما كان رحمه الله في الحياة فلا تضام إحداهن من بعده في مال أو حاجة . أما فيما يتعلق بالدين فقد ميز المرحوم بين ديون أقرضها بغية إعانة معسر في كربته وبين دين تجاري يتعلق بحقوق الناس , فكان أن أسقط الديون من الألف روبية ونازل علماً بأن تلك الفئة من المقترضين ما هم إلا الفقراء والمعسرون أما ما يزيد فهي ديون تجارية وجب استحقاقها تغليباً لمصلحة الناس. 

 الأبناء و حق الوصاية 

" ما تبقى من الثلث تتولى عليه دائرة الأيتام في الكويت على أن توزع ثلثي أرباحه سنوياً على الورثة للذكر مثل حظ الأنثيين _ ومتى ما نكب أحد الورثة في ماله أو احتاج لا سمح الله يعطى من أصل الثلث حسب حاجته و هذا إذا كان صالحاً لم يبذر أمواله في طريق الشر والفساد. أما الثلث الباقي من الأرباح يوزع للمشاريع الخيرية  " 

بهذا البند يدخل عبدالله العثمان في الجانب المادي من وصيته تجاه أبنائه فيما يتعلق بحقوقهم المالية وواجباتهم المستقبلية متى ما بلغوا سن الرشد. فحرص أول ما حرص على أن يسمي دائرة الأيتام في الكويت وصياً على أموال الثلث مع تحديده لمسئولية دائرة الأيتام في تنفيذ المهام المناطة بها وفقاً للوصية وذلك بتوزيع ثلثي أرباحه سنوياً على الورثة وفقاً للتوزيع الشرعي للتركة . كما أضاف المرحوم بنداً بالغ الأهمية يتمثل في ضرورة إعانة أي من الورثة في حال نكب في ماله أو احتاج لا سمح الله فيعطى من أصل الثلث حسب حاجته.إلا أن رحمه الله لم يترك الباب مشرعاً على مصراعيه فقرن المعونة بصلاح الابن وعدم تبذيره للمال في طرق الشر والفساد.  وعند التأمل في هذا الشرط تتمثل لنا الأبوة في أحسن معانيها ألا وهي إعانة الإبن في حال ضلاله لاسمح الله علــى الاهتداء إلى الصــواب حتى وإن عنى ذلك حرمـانه من مال الثلث في وقت حاجته فعلــه يرتدع ويتعظ.فما مال عبدالله العثمان إلا مال جمع بالحلال وما كان المرحـوم ليسمــح لــه بأن يصرف في غير الحلال.  أما الثلث المتبقي من الأرباح....فقد ارتأى المرحوم بحكمته و إيمانه أن يستثمر في تجارةٍ لا خسارة فيها و لا بطلان ألا و هي التجارة مع الله . فاشترط رحمه الله أن يوزع الثلث المتبقي من الأرباح للمشاريع الخيرية باسم عبدالله عبداللطيف العثمان سواء في الكويت أو خارجها مع تشديده على مسئولية دائرة الأيتام تجاه الله سبحانه و تعالى في تحقيق ذلك . ومن عرف عبدالله العثمان و خبره يعلم حق العلم أن المرحوم ما كان ليبتغي من وراء تلك المشاريع اسماً يعليه أو شهرة تخلده في الذكر وتحييه , بل جل ما أراده صدقة جارية يبتغي بها رضوان ربه.

  ومع اكتمال وصيته فيما يتعلق بالجانب الخيري , يعود المرحوم عبدالله العثمان ليكمل وصيته فيما يتعلق برعاية شئون أبنائه فوصى بالتالي : 

" بأن تتولى دائرة الأيتام في الكويت على أموال القاصرين من الذرية و الوارثين وتنمية أموالهم حتى يبلغوا رشدهم و يكونوا أهلاً لتولية المال  وحسن التصرف فيه على أن ينفق عليهم في حال القصر نفقة تليق بهم بدون تقتير و يكسون كسوة تليق بهم و ترضيهم حسبما   يأتي : 

- سهام و فوزية و أسماء و ليلى يكن تحت ولاية عمهم عبدالعزيز عبداللطيف العثمان ينفق عليهن ويكسوهن من مالهن و يزوجهن حسب اجتهاده من أولاد أعمامهن إذا كانوا رجالاً صالحين أو من الخارج و من بعد عمهن أخوهن سليمان إذا كان صالحاً لذلك أو أخوهن نوري.

 أولاد شيخة صالح الهديب هي التي تقوم بتربية أولادها و بناتها و ينفق عليهن ويكسوهم من مالهم ويزوجون بناتها بمشورة عمهن عبدالعزيز وأخوهن سليمان و نوري – برجال صالحين من أبناء أعمامهن أو من الخارج – أولاد أعمامهن لهم الأفضلية إذا كانوا صالحين

  أولاد أمينة بنت صالح السويلم هي التي تقوم بتربية أولادها و بناتها و ينفق عليهم وتكسوهم من مالهم ويزوجن بناتها كما تقدم من الشرح لأولاد شيخة صالح الهديب.

 أولاد رمزية توفيق هي التي تقوم بتربية أولادها و بناتها و تنفق عليهم و تكسوهم من مالهم ويزوجن بناتها كما تقدم من الشرح لشريكتيها. 

العبدة غروبة و العبدة مريوم يعتقن و تعطى كل واحدة من أصل الثلث خمسة آلاف روبية و هما مخيرتين إذا أرادا البقاء عند أحد الورثة مقابل أجر يدفع لهما. 

 الورثة لكل منهم الخيار إذا أراد عقاراً يكون على حسابه بثمن و يحسب عليه الثمن من أصل استحقاقه – ملاحظة – قلت في آخر الوصية الأولى أن ثلث أرباح الثلث السنوية توزع في المشاريع الخيرية باسم عبدالله عبداللطيف العثمان سواء في الكويت أو خارجه و دائرة الأيتام مسئولة تجاه الله تعالى في صرف ذلك" . 

وبعد اشتراط المرحوم الرشد والأهلية في من يتولى من الورثة حق إدارة المال , حرص المرحوم على أن يكفي ورثته القصر شر السؤال و الحاجة من بعد نعمة وجاه فاشترط في جملة ما اشترط على دائرة الأيتام أن تنفق على أبنائه في حالة القصر"نفقة تليق بهم دون أي تقتير ويكسون كسوة تليق بهم وترضيهم" وفي استعمال المرحوم للفظي"تليق بهم" و"ترضيهم" دلالة هامة. إذ أن المرحوم يشترط أن لا يكون الإنفاق على قدر الحاجة بل على قدر الرضا وشتان ما بين القدرين. فالحاجة تكفيها أقل المستطاع أما الرضا فيستلزم كل ما هو مستطاع.  ولم يكتف المرحوم بالجانب المالي من حياة و شئون أبنائه فانتقل بعدها إلى الجانب الاجتماعي والتربوي . فأوصى كل من زوجاته برعاية أبنائها و تربيتهم تربية صالحة و الإنفاق عليهم من أموالهم. وفيما يختص بالبنات وصى المرحوم زوجاته بأن يزوجن بناتهن بمن يرضون صلاحه بمشورة أعمامهن مع إعطاء الأفضلية للصالحين من أولاد العمومة. وفي خضم وصيته لأبنائه , لم ينس المرحوم من سكنوا بيته و خدموه في أمن وأمان فشاركهم الطعام والملبس وأفراح الأعياد فوصى بإعتاق عبيده ( ذكر في الوصية عبدتان ). وجازى كل منهما بمال من أصل الثلث وقدره خمسة آلاف روبية ثم كفل لهما حرية الخيار بين الرحيل أو البقاء عند أحد الورثة وذلك مقابل أجر مدفوع.  وفي النهاية ختم المرحوم وصيته بأن أودعها بين يدي الله الولي الحميد وبالصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.