متلازمة الغياب

essay image

شغلة غريبة وعجيبة ويمكن ما نلاقيها إلا في الكويت ألا وهي ظاهرة تغيّب الموظفين عن الدوام قبل العطل الرسمية، وانتقلت هذه الظاهرة أيضاً لبعد العطلة الرسمية وخاصة إذا ما صادفت العطلة نهاية الأسبوع، ناس تاخذ إجازات وناس مرضيات وآخرين يبصمون ويروحون بيوتهم ويرجعون بنهاية الدوام للتبصيم، ومع العلم أن الدولة مو مقصرة بعدد أيام الإجازات والراحة، ولو نحسب العطلات وأيام الراحة عدل قد تفوق ربع السنة، ومع ذلك موظفينا الأعزاء اللي رواتبهم تستهلك السواد الأعظم من ميزانية الدولة ما كفاهم ذلك فأضافوا لها الغياب بأنواعه، ضاربين مصالح البلاد والعباد بعرض الحائط، طبعاً مو كل الموظفين ولكن العديد منهم، فهناك المُخلص واللي يخاف ربه ويحب وطنه وهم أيضاً كثر، والغريب بالأمر أن البعض من أعضاء مجلس الأمة يدافعون لا بل ويتوعدون الوزراء إذا طبقوا القانون بصرامة، فسمعنا صوتهم عند اتخاذ قرار البصمة على المدرسين وسمعنا صوتاً أعلى عند فرض البصمة «المتعددة» لموظفي الجمارك، فعلاً مجلسنا أيضاً عجيب غريب، والظاهر إذا استمر الوضع على ما نحن عليه فلا تستغربون أن نرى ونسمع من يطالب بأن تتحول كل معاملات الدولة إلى الرقمنة مع جم وافد يمشي الأمور في الوزارات وبقية موظفي الدولة يقعدون في بيوتهم مرتاحين ويأخذون رواتب وعلاوات، المهم تلك المتلازمة انتقلت إلى المدارس فدخل الطالب والمدرس وولي الأمر بتلك المتلازمة فأضحى الغياب قبل العطل ظاهرة يصعب السيطرة عليها وطلع لنا ما يُسمى بـ«قروب الأمهات»، صاحب القدرة والسيطرة على حركة الحضور والغياب، يعني ما كفانا ضعف المناهج وركاكتها وعطل الحكومة اللي ما لها أول من آخر وبعدها الغياب وسيطرة السوشيال ميديا على حركة حضور وغياب الطلبة، يعني ما دري شنو راح تكون مخرجات التعليم بعد عقد من الزمن غير طلبة الكثير منهم ما يعرفون القراءة والكتابة، والعديد منهم يرى الغش أمرا عاديا والأدهى والأمر هو تساهل بعض المدرسين «وان كانوا قلة» في تغشيش الطلبة من باب مساعدة الطلاب والتسهيل عليهم ولا يعلمون أن بذلك اضرار لهم، والله حرام فالكويت ما تستاهل مثل هذا الوضع الحزين ونحن ومجلسنا وحكومتنا الرشيدة اللي ما تشكلت كلنا ساهمنا ونساهم بهدم أركان الدولة من دون أن نشعر فأضحى الخلاف والصراع ديدننا، وكلي أمل بالله سبحانه وتعالى أن يلطف بالكويت وأهلها، وكلي أمل بحكمة وحزم صاحب السمو أمير البلاد وأن يقود دفة تلك السفينة إلى بر الأمان، وفي هذا السياق يستحضرني الحديث النبوي الشريف والذي جاء فيه «عن النُّعْمانِ بنِ بَشيرٍ رضي اللَّه عنهما، عن النبيِّ ﷺ قَالَ: مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ اللَّه، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ، فصارَ بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعاً، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعاً».

***

رسالة لوزارة التربية بأهمية معالجة ظاهر الغياب من نواحيها العدة، بدءا بتوفير باصات نقل الطلاب كباصات المدارس الخاصة وبوجود مشرف على الباص، وبذلك لا يوجد حجة لولي الأمر في غياب أبنائه، والأمر الآخر باستمرار اليوم الدراسي وتدريس الطلبة الحاضرين ومكافأة الحاضر على حضوره ولو كانوا قلة ومع الوقت سيتعود البقية، ومع تفعيل أدوار المدرسة كنشاط المكتبة والإذاعة والخط وغيرها أو تخصيص أوقات للمراجعة للامتحانات وبخاصة للطلبة المتعثرين، خاصة في الأيام ما قبل الإجازة فتكون أياماً جاذبة لحضور الطلاب وحداً من هذه الظاهرة.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء السادس عشر من أبريل 2024 (الرابط الإلكتروني).

متلازمة الغياب -  PDF  

عدد الزائرين:

315 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr