ما باليد حيلة

 

 

 

سنحت لي فرصة التعرف على عميد كلية العمارة بجامعة الكويت الدكتور عمر خطاب من خلال لجنة تحكيم للمبنى الرئيسي لأحد البنوك، ودار حديث جانبي بيننا بخصوص طابع العمارة التراثي بمدينة الكويت، ولم ينته حديثنا وأجلنا استكماله على فنجان قهوة. وبعد ما يقارب العام التقينا في مقهاي المفضل، حيث تقدم القهوة على أنغام وصوت الست أم كلثوم، وأكملنا حديثنا، ووجدت في الدكتور موسوعة علمية عن تراث وتطور العمارة في الكويت. وطبعًا بدبلوماسيته المعهودة تغاضى عن ملاحظاتي على ما جرى من تدمير للتراث المعماري في الكويت وعلى التلوث البصري الحاصل عندنا وللأسف، واكتفى بسرد تجربة له مع طلبته في الجامعة، حيث شاركوا بمسابقة في بيروت لتصميم ٤٥ نصبا تذكاريا تزمع بلديات لبنان تنفيذها. المهم شبابنا المعماريون فازوا بخمسة تصاميم من الخمسة والأربعين، وطبعا ما هي بمفاجأة لي، فأنا أعرف زين إمكانات عيال الكويت، لكن صاحبنا ومن دون قصد فتح جرحا جديدا، فكل بلدان العالم تجد فيها النصب التذكارية شامخة في ميادينها إلا احنا ماكو شي عندنا ممكن نسميه نصب تذكاري بني ليكون دائمًا، فالنصب في ساحة الصفاة واللي شكله يفترض أن يأخذ هيئة شراع إلا أنه في واقع الأمر لا يعكس سوى كتلة اسمنتية مكسية بجرانيت، وفوق هذا ما يبين! ليش؟ أنا أقول لكم، لأن أهم ساحة في الكويت ساووها بمستوى سرداب بين طرق وتقاطعات شارع الجهراء، يعني ضيعوا الساحة وما تحمل من تاريخ وحطوا فيها نصب ما ينشاف ولا له أثر ولا يمكن أن يتحول بعد عقود إلى رمز تاريخي. النصب التذكاري الوحيد اللي كان ممكن نقول عنه رمز تاريخي هو مجسم الكرة الأرضية في ثانوية الشويخ الذي قبل سنوات تمت إزالته وبعد ضجة الناس الغاضبة عادوا بنوه مرة ثانية لكن هيهات أن يكون التقليد كالأصل. وحاولت البلدية تشجيع الشركات لعمل تلك النصب على حسابها مقابل وضع دعايتها عليها فشنو اللي صار؟ تشويه آخر! وإذا تحبون تشوفون بعض النماذج فعند دوار صادق بحولي وعند مداخل المطار نصب رخيصة الثمن والمضمون وتعكس تشويها معماريا والديرة مو ناقصته، خصوصًا أنه لا توجد أي صيانة لها والأفضل للإخوة في بلدية الكويت العمل على إزالتها. وأرجو وآمل من الجهة التي قامت بتنفيذ مركز الشيخ جابر الثقافي وحديقة الشهيد وقريبًا المدينة الترفيهية أن تأخذ على عاتقها تجميل ميادين الكويت بما هو جميل وراق ويعكس تراث الوطن. ونحن كمواطنين ندري ثقلنا عليكم فهذا من صميم عمل مؤسسات الدولة لكن ما باليد حيلة. وشكرًا دكتور عمر خطاب على زيارتكم لنا واهتمامكم اللا محدود بطلبتنا المعماريين.

 وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الحادي والعشرين من مايو ٢٠١٩ (الرابط الالكتروني)

ما باليد حيلة Pdf

عدد الزائرين:

180 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr