حر لندني

 

 

 

التغير المناخي بدأ يفرض نفسه على صانعيه، وها هم أصحاب الصناعة والمال والنظام الرأسمالي المطلق وما حققوه من ثروات يحصدون ما زرعت أيديهم، وبدأنا نشهد درجات حرارة لم نألفها من قبل. فهذا العام ليس بأفضل من ماضيه وموجات الحر تعصف بالعواصم الأوروبية، وكون معظم المنازل والمتاجر القديمة عندهم ما فيها تكييف لعدم الحاجة اليه في السابق، نلاقي اليوم الجماعة يحطون مراوح أو مكيفات نقالة بمكاتبهم ومحالهم وإذا صار حظهم زين الحر يجيهم بعطلة الأسبوع. القريب من البحر ما عنده مشكلة، أما البقية تلاقيهم منقعين بالنوافير أو مسدحين بالحدائق العامة يتشمسون، أما السائح الكويتي فمحتار شنو يسوي! تركنا بيوتنا وسياراتنا المكيفة وصرفنا فلوسنا من تذاكر وسكن وبعض الناس اقترضوا من البنوك حق هذي السفرة. والغريب نلاقي بعض ربعنا مصرين يطلعون هدومهم الجديدة، خاصة الماركات مع إنه حر موت إلا انهم مصرين يلبسون بوتات وجاكيتات شتوية غير المكياج الكامل كأنهم رايحين عرس وجناط وساعات ومجوهرات بالآلاف ويتمشون بكوفن غاردن، والشباب ما هم بأحسن حال، طبعا غير أهل الاستعراض الذين يعرضون أنفسهم للسرقات والتعدي، فتلك العواصم ليست بالأمن والأمان الذي نعتقده، ويسولف لي صديق قيادي، ويقول: «السنة الماضية أجرت سيارة مع أسرتي بجولة بين الدول الأوروبية، وفي ألمانيا لحقتنا سيارة ووقفونا وادعوا انهم شرطة وطلبوا هوياتنا وفي الأخير طلعوا حرامية سرقوا فلوسنا، والحمدلله ما خذوا جوازاتنا»، ويقول، «ما هقيت ان بألمانيا انتحال صفة الشرطة بهذه السهولة». ونرجع للحر والرطوبة وزحمة السياح، والصراحة بدأت أفكر جديا بقضاء الصيف القادم بالكويت، فالحمد لله كل شي متوافر عندنا والديرة بالصيف هادية وماكو زحمة وأمن وأمان مقارنة بغيرنا، وكل اللي نحتاجه بديرتنا شوية ترفيه وبرامج سياحية، وما أقول إلا الله يرحمك يا صالح شهاب، هذا الإنسان المبدع، ففي أواسط السبعينيات أخذ على عاتقه تطوير السياحة الصيفية في الكويت والكثير تفكهوا عليه بذلك الوقت كونه كمن يزرع بأرض قاحلة، لكنه فعلا استطاع أن يخترق الحاجز، لكن إن لم يكن الجهد الفردي ضمن سياسات وتوجهات ونظم فسينتهي بنهاية صاحبه، وفعلا انتهت برامج الترويح السياحي بتقاعده من وزارة الإعلام ولم تستطع شركة المشروعات السياحية سد الثغرة، بل زادتها اتساعا توِّج بإغلاق الحدائق للأسف الشديد. وأنا في عز الحر اللندني احتريت على ديرتي الجميلة وقلت شنو اللي جابني هني، وليش أنا وكل كويتي نعاني وكل اللي نحتاجه بالكويت قليل من الاهتمام ونفض للمؤسسات القائمة على السياحة، رجاءً خلوهم يروحون بيوتهم يستريحون وجيبوا لنا غيرهم يخلونا نصيف بديرتنا ونستريح..

 وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثلاثين من يوليو ٢٠١٩ (الرابط الالكتروني)

حر لندني Pdf

عدد الزائرين:

144 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr