الخنبقة

WhatsApp Image 2020 03 03 at 83258 AM

"الخنبقة" كلمة خليجية تعني بشكلها العام التصرف اللامسؤول والتخبط بالعمل والفوضى، وكذلك تلفظ بالخمبقة احيانا، المهم أعتقد أننا لن نجد إسقاطا صحيحا لتلك الكلمة بقدر الوضع العام اللي عندنا في الكويت، فنحن فعلاً نعيش في عصر الخنبقة الذهبي، ويشترك به كل من المواطن والحكومة والمجلس، وخلّونا نأخذ نماذج من تلك الخنبقة، وأهمها حديث الناس وقلقهم من انتشار فيروس كورونا، فوزارة الصحة مشكورة كانت على رأس الحدث، وقامت بكل الإجراءات الاحترازية، ولكن خنبقتها عندما - وكما قيل - سمحت لمجموعة من القادمين من إحدى الدول الموبوءة بالحجر الذاتي بمنازلهم، وطبعاً هذا إجراء مُتبع في الدول المتقدمة، ولكن هل تعتقدون أن ربعنا الكويتيين بطبعهم الاجتماعي المتميز راح يلتزمون؟ أو بكلمة أدق يقدرون يلتزمون؟ أنا شخصياً أشك بذلك، وأعتقد أن أكبر خنبقة جاءت من البعض في مجلسنا الموقر حين تدخل بعض نوّابه في إجراءات وزارة الصحة وما تبعها من تسييس وبث بغيض للطائفية ومن كل الأطراف، والتي حاولت التكسب الانتخابي بغض النظر عن تعريض صحة وسلامة المواطنين والمقيمين وسمعة الكويت الدولية للخطر، وأكيد يكمل تلك الخنبقة بعض المواطنين وما يتداولون به من إشاعات وفتاوى طبية، وللأسف مانشيتات بعض الصحف شاركت ببث الفزع والخوف ما بين الناس مع أن الوفيات الناتجة عن الانفلونزا الموسمية في اميركا تقدر بعشرات الآلاف شهريا، يعني الموضوع يستحق الحذر، ولكن لا يستحق الذعر، وخلونا نتذكر حمى الخنازير التي ارعبت العالم، واتضح بالنهاية أنها هلع إعلامي ليس إلا، وهذا ما يجب على الإعلام التركيز عليه، وطبعا بغياب الإعلام الحكومي الفاعل تكون حلقة الخنبقة اكتملت بهذا الموضوع، وخلّونا نشوف نموذج ثاني للخنبقة الكويتية، فما حدث في مجلس الأمة من مسرحية استعراضية أقل ما يمكن أن نقول عنها «فاشلة ومعيبة»، فذلك السُباب والتشابك بالأيدي ما كان له داع ولم يوصّل رسالة ولم يحل موضوعا لكل الأطراف، فالاخوة الأعضاء ما كان مفروضا منهم أن يُستفزوا بتلك السهولة ويُخرجوا غضبهم بالقول أو بالفعل على مواطن، وخصوصاً وهم ممثلو الأمة، لا سيما أن هذا المواطن صاحب رسالة ومبدأ، وهو المحافظة على الهوية الكويتية ومحاربة مزوري الجنسية، وكلامه ومبدأه قانوني ولا يختلف عليه اثنان، ولكن للأسف ومن وجهة نظري الدخول في ملاسنة ما لها داع، فاختيار الكلمات والتحكم بالأعصاب في مثل تلك المواقف هما مفتاح الفوز، وكفاية انه استطاع تحريك ملفات عجزت عنها حكومات ومجالس أمة توالت علينا منذ عقود، وأنا في هذا المقال لستُ مع أو ضد أحد، ولكن أنا مواطن مستقل ومحايد يُراقب عن كثب ما يجري، وكله أمل أن يرى نهاية لعصر الخنبقة بوطنه.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثالث من مارس 2020 (الرابط الإلكتروني)

الخنبقة PDF

عدد الزائرين:

313 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr