منح واسترداد

WhatsApp Image 2020 03 03 at 83258 AM

بعد نجاح الحكومة الكويتية، وبشكل متميز، في محاربة وحصار وباء «كورونا»، كسب ذلك التميز والتماسك والتعاون الحكومي الحازم ثقة الشعب الكويتي بحكومته، ثقة اهتزت منذ أمد، وقريباً سوف ينحسر هذا الوباء وستظهر على السطح تداعياته الاقتصادية المدمرة، إن لم تُعالج بحكمة وحزم وسرعة. وفي اعتقادي لو استمرت الحكومة على نهجها الجاد والحازم والمتماسك بعيداً عن ضغوطات الشارع، فسوف تستطيع إخراج الاقتصاد من عنق الزجاجة. ومن عملي في قطاع المصارف والعقار والعمل الخيري، الذي قارب الأربعين عاماً، أعتقد أنني قادر على إعطاء مؤشر، وإن كان افتراضياً، على أي معالجة للتداعيات الاقتصادية، فمنذ أزمة سوق المناخ وما تلاها من قرارات وقوانين شابها الكثير من المثالب وامتدت إلى ما بعد الغزو الغاشم، ذلك الغزو الذي أدخلنا في حلقة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وعولجت بقوانين إعادة الإعمار، التي نتج عنها تضخم وزيادة مطردة في تعداد السكان وتغير في التركيبة السكانية وبداية عصر تردّ في المستوى التعليمي والثقافي، ولم يستقم الوضع كثيراً حتى جاءت أحداث ١١ سبتمبر، ومن ثم هلت علينا الأزمة العالمية في ٢٠٠٨، والحبل، وكما يقال، على الجرار.. ولكن كيف صمدت الكويت أمام كل تلك الأزمات؟! وما سر قدرتها على التعافي السريع؟! والجواب واضح وهو: سياستها الاستثمارية المبنية على مبدأ أقدم وزير للمالية في التاريخ، النبي يوسف - عليه السلام - ولنا من قرآننا حكمة، يقول تعالى: «يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُون»، ذلك المبدأ القرآني اتبعته الكويت منذ عهد المرحوم الشيخ جابر الأحمد الصباح إبّان توليه وزارة المالية وإلى الآن، وهو الدرع الواقية من ويلات الزمن، وها نحن الآن بصدد فتح خزائن الدولة لمعالجة الآثار الاقتصادية لهذا الوباء، ولا تثريب على ذلك، ولكن السؤال: إلى متى تستطيع تلك الخزائن مقابلة احتياجات الوطن في ظل السياسة الرعوية والفساد المستشري في بعض مفاصل الدولة وضعف الإنتاجية وغياب الدور الحقيقي للقطاع الخاص؟! والجواب واضح: سوف نصل إلى نقطة اللاعودة والإفلاس الإداري قبل المالي في وقت قصير، إذا لم تبدأ الإصلاحات الاقتصادية الآن، ومن ضمن خطة دعم للقطاعات الاقتصادية لمواجهة تداعيات الأزمة يعني حزمة التحفيز يجب أن تكون مرتبطة بحزمة إصلاحية؛ وبشكل أوضح: المَنح يجب أن يتبعه استرداد وبقانون واحد، ونشوف شلون ممكن يكون ذلك في المقال المقبل.

وتسلمون

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الرابع عشر من ابريل 2020 (الرابط الإلكتروني)

منح واسترداد PDF

 

عدد الزائرين:

182 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr