الحاج رياض عيتاني

WhatsApp Image 2020 03 03 at 83258 AM

بعيداً عن سياق الكتابة المتعلقة بهموم الشارع الكويتي، ولكن قريباً من سياق العمل الخيري الذي جُبل عليه أهل الكويت، ولا أحد يستغرب كتابتي عن الحاج رياض عيتاني -رحمه الله- حيث كانت لي معرفة شخصية به وتجارب خيرية لا يمكنني إلا أن أكتب ولو قليلاً عنها وعن رجل العمل الخيري وسيده في لبنان، قامة خيرية سخّر جُلّ وقته وماله وأفنى شبابه وعمره في العمل الخيري، رجل لا يكل ولا يمل، من أسرة بيروتية أصيلة، والعمل الخيري بالنسبة له كالدماء بالعروق، وكانت معرفتي به من خلال الصديق خالد الحسيني إبّان تقلده نائب المدير العام في بيت الزكاة، وأذكر أنه قال لي تعال معاي لبنان وراح أعرفك على أخيارها وفعلاً كان الحاج رياض أحدهم. ومن خلال صندوق الزكاة اللبناني، الذي كان الرجل أحد أعمدته، استطعنا تنفيذ وصية والدي ببناء جامع وعمارة وقفية في ضيعة شانيه وتم كذلك تنفيذ الكثير من المشاريع الخيرية هناك، هذا الإنجاز كانت لهذا الرجل يد بيضاء به. ونقلاً لبعض حِكمه عن إحدى الصحف، حيث كُتب «وكان رحمه الله دائم التواصل مع أصدقائه وكان آخر ما أرسله لهم في رسالة جماعية:

سألوا رجلا كبيراً في العمر: ماذا تعلمت من العمر الذي مضى؟

فأجاب: تعلمت أن الدنيا سلف ودين.

تعلمت أن المظلوم لا بد له من انتصار ولو بعد حين.

تعلمت أن الحياة يمكن أن تنتهي بأي لحظة ونحن على غفلة.

تعلمت أن الكلمة الحلوة والوجه البشوش والكرم رأس مال الأخلاق.

تعلمت أن أغنى إنسان في العالم هو الذي يملك الصحة والأمان.

تعلمت أن من يزرع الثوم لا يجني الريحان.

تعلمت أن العمر ينتهي والمشاغل لا تنتهي.

تعلمت أن من يريد من الناس أن يسمعوا منه عليه أن يسمع منهم.

تعلمت أن السفر مع الناس هو أدق مجهر يكشف لك معادن الناس.

تعلمت أن الذي معدنه ذهب يبقى ذهباً، والذي معدنه حديد يتغير ويصدأ.

تعلمت أن كل الذين دُفنوا في المقابر كانوا مشغولين وعندهم مواعيد وفي نياتهم أمور كثيرة لم يحققوها.

تعلمت أننا نرتب السرير ونبرد الغرفة لننعم بالموتة الصغرى (النوم) ولكن هل رتبنا أعمالنا وبردنا قبورنا بالطاعة لننعم بالموتة الكبرى؟».

ولي مع الحاج عيتاني موقفان لا يخلوان من الطرافة، فقبيل مغادرتي بيروت كنت باتصال مع حفيدي وأسأله «شنو تبي أجيبلك من لبنان؟»، فكان جوابه مازحاً «حمص» المهم قبل ركوب الطائرة الحاج عيتاني أهداني صندوقاً مملوءاً بالحمص، ويقول لي هذا طازج وشغل اليوم وتشكرت منه، وكانت صوغة لبنانية أصيلة، وبالمرة الثانية عزمنا في منزله على إفطار، وطبعاً لا يُعلى على الطعام والكرم اللبناني، فكانت مائدة عامرة فعبيت الصحن من المناقيش إلا أن الحاج أخذ الصحن وفضى نصه، وطبعاً استغربت الأمر، وقال لي: «أنا لاحظتك بأكثر من مرة بأنك لا تكمل طعامك وتترك «النص» وهذا حرام»، طبعاً هذا حرص على نعمة الله، وكان محقا، ولكن هذا الموقف أضحى فكاهة أرددها كشكوى كلما قابلته، وكانت آخر مرة أرددها قبل عدة أسابيع بلقائي مع زوج ابنته الدكتور عادل ديماسي الجديد على الكويت وذكرت له القصة، وكيف حرمني من المناقيش وما طاب من الطعام، وذكرناه كالعادة بالخير وكأننا نودعه، رحمك الله صديقنا الحاج العيتاني فأنت وكما يقال رجل والرجال قليل.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر السبت السادس والعشرون من سبتمبر 2021 (الرابط الإلكتروني)

الحاج رياض عيتاني PDF

عدد الزائرين:

251 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr