عصر الغشاشين

WhatsApp Image 2020 02 04 at 75237 AM

تطرقت الصحف إلى ظاهرة الغش في المدارس، وتكلم الكثير عن الموضوع، ولكن لي نظرة أخرى تجاه هذا الموضوع، فالغش على أيامنا كان نوعاً من الشقاوة والعفرتة كما يقال، وكان العقاب وخيما لمّا يصيدك المدرس، حينها يكون وراك فصل من المدرسة، وأيامنا الغش بأحسن أحواله انك تقط عينك على ورقة زميلك اللي جنبك ولّا إذا انت شاطر تكتب الإجابة على ورقة صغيرة (برشامة) وتحذفها لصاحبك وهو بدوره يحذفها حق اللي جنبه، ومثل ما قلت لكم لا تخرج عن العفرتة، ولكن الظاهرة الجديدة هي الغش المنظم أي الذي يأتي من الأعلى أي التغشيش المباشر أو غير المباشر من خلال ما يسمى بالدروس الخصوصية، التي تحول البعض منها من دروس للتقوية. وخلوني أستذكر لكم بعض الاحداث التاريخية التي قد تكون أسست لتلك الظاهرة المقيتة، وبرجع إلى عام ١٩٧٦ في أميركا، كان هناك منزل سمّي باسم أحد الصحابة وكان يدار من قبل إحدى الجماعات، وكانت في تلك المدينة جامعة جيدة، وهناك معهد تعبان بس تسجل موادك تنجح، ولاحظت أن الجماعة تستقطب أكبر عدد ممكن من الطلبة، وأن الشطار تجدهم بالجامعة وهم القلة، والبقية في المعهد التعبان وهم الاكثرية، المهم عندهم ان التجمع ينجح والفكر ينتشر بغض النظر عن الطريقة، وللأسف هذا المعهد خرّج المئات من الطلبة وتحت نظر المكتب الثقافي بذلك التاريخ، إلى أن فاحت الرائحة عدل، فصدر قرار بمنع الدراسة به، ومثل هذا نجد مراكز تعليمية تجارية اخرى في أميركا تخرج فيها العديد وتبوأوا مناصب كبيرة، وتطور الغش وارتقى إلى شهادات الدكتوراه المزورة والركيكة منها وحملها بعض من هم بمناصب قيادية في الدولة، وكذلك فاعلة مجتمعيا، وهل نعتقد أن هؤلاء الغشاشين سوف يكافحون الغش؟ هذا سؤال مستحق، زين نكمل منظومة الغش المنظم وأنتقل إلى بعض الجامعات الخاصة او بعض اقسامها التي لا تستحق حتى أن يُطلق عليها «بقالة» لبيع الشهادات، وتسولف لي إحدى الشابات ذات الخلق والمبدأ أنه وبأحد الكورسات ووقت الامتحان الكل قدم إجاباته لامتحان قد سبق تسريبه، وللأسف الدكتور قال لها خلاص حطي اسمك وطلعي، فالكل عنده الامتحان، وتقول أصررت على تقديم الامتحان وبقدراتي، وتضيف أخرى أن إحدى الجامعات تقوم برفع معدل نجاح الطلبة لضمان موقعها المتقدم والاعتماد الخارجي، وحدثني طالب بسنة تمهيدية بإحدى الدول الأجنبية ويقول «احنا ٢٤ طالباً منا ١٩ طالباً كويتياً والبقية خليجيون»، ويقول «قدمنا امتحان وأنا والخليجيون وما سوينا زين» وسألته والبقيه؟ قال «كلهم تمام»، وسألته وليش ما صرتوا مثلهم؟ فأجاب ضاحكاً «عندهم الامتحان حيث دفعوا ما يقارب ٤٠٠ دينار حق مدرس سابق بالجامعة وعطاهم الامتحان» وعرضوا علينا نتشارك معاهم بس رفضنا، ويكمل ضاحكا «ولكن مدرسنا ما طافت عليه.. بعد الامتحان سألهم بنفس الأسئلة ولا واحد فيهم جاوب» والله فشلة ولاحظوا ان بعض هؤلاء من حملة نسبة %١٠٠ بالثانوية، ونصيحة لوزارتي التربية والتعليم العالي بإعادة النظر بكل المنظومة التعليمية وتقييم الجامعات الخاصة، وإضافة اختبارات إضافية عشوائية لكل المستويات التعليمية طلبة ومدرسين أيضا للتأكد من جودة التعليم ومخرجاته، وقبل ذلك على الحكومة التخلص من كل من هو حامل لشهادة دكتوراه ركيكة ومتقلد لمنصب، واقترح اضافة منهاج جديد يدرس بكل المراحل التعليمية باسم «النزاهة وأخلاقيات التعامل».

وللمقال بقية.

وتسلمون

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الأحد الواحد والعشرون من نوفمبر 2021 (الرابط الإلكتروني)

عصر الغشاشين PDF

عدد الزائرين:

234 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr