نكسر الخاطر (1)

essay image

 يمكن صار لي أكثر من عشر سنوات ما رحت البحرين، وقبل كم يوم أخذت بنتي والحفيد عدنان بزيارة يومين، حضرنا خلالها معرضاً للمجوهرات، وأنا أذكر تماماً أن مركز المعارض عندهم ما هو ببعيد، ولكن فوجئت بأن السائق وصل جسر فهد ورايح الصخير، فقلت له وين رايح هناك ما في إلا بَرّ وحلبة سباق السيارات الـ«فورمولا 1»؟ تبسم سائقنا الآسيوي، وقال بلكنته: «بابا إنت ما يجي من زمان»، وطلع إنه إخوانا البحرينيين مسوين مركز دولي للمعارض على مساحة أرض توازي 280 ألف متر، ومُكون من 10 قاعات ومطاعم ومحال تجارية، والصراحة شيء حده حلو، وأجمل ما فيه أنه بدأ العمل بهذا المشروع عام 2020 وخلص عام 2022، يعني خلال سنتين تم إنشاء تحفة معمارية، وأزيدكم بأن المنطقة سوف تحتضن مدينة البحرين الرياضية العالمية، وأعتقد بتخلص منها قبل لا وزارة الأشغال عندنا تصلح نفق دروازة عبدالرزاق، واللي على قولة إخوانا المصريين «غرقان بشبر مَيّه»، المهم المعرض كان ناجح، وإن عابهُ بعض الإجراءات التنظيمة غير الموفقة عند بوابات دخول الزوار، وكذلك لم تَكُنْ هناك مُصلَّيات، وإن كانت فهي غير واضحة المكان، ولكن ما هذا إلا لِكون المشروع جديداً وهذا أمرٌ جداً طبيعي، وخلوني أتكلم عن مطارهم الجديد قليلاً، فالمطار وايد حلو وكبير ومرتب ومزود بأحدث الأجهزة والديكورات، وكان من المقرر افتتاح المطار الجديد في يناير 2020، ولكن وبسبب تداعيات جائحة كورونا لم يُفتتح إلا مبنى المسافرين الجديد، وقد بلغت التكلفة الإجمالية للمطار الجديد 1.1 مليار دولار، بدعم من صندوق أبوظبي للتمويل، شوفوا الناس شلون تشتغل بمملكة صغيرة بالمساحة والموارد المالية ولكن كبيرة بإرادتها، تقترض وتبني اقتصادها وتعمل بلا كللٍ ولا ملل، واحنا نكسر الخاطر، وخلونا من مشاريعهم التنموية، ونتكلم عن شي أسهل وبديهي وما يحتاج إبداع، وأعتقد أنه يخصنا نحن كمواطنين، وبالنسبة لنا لو قدرنا نسويه راح يكون إنجاز وأعجوبة تُضاف إلى عجائب الدنيا السبع، فتصبح ثمان بدلاً من سبع، يا جماعة شوارعهم اشزينها، مرتبة ونظيفة ولا فيها حفر ولا حصى يتطاير، ومطباتهم سنعة، غير الزراعة المرتبة بجوانب الطرق، مو مثل نخلنا اللي مات عطشاً من قلة الري إلى درجة الإيعاز للمطافي بِرَيّ ما تبقى منها، وغير هذا كله ما شفت مظلات السيارات القبيحة على أرصفة المنازل والعمارات، فعلاً نحن نكسر الخاطر، وبالطريق تساءلت ابنتي وقالت شنو الفرق بين خلطة الإسفلت اللي عندهم عن خلطاتنا اللي برشة مطر تذوب وكأنها «سكر»؟ فأجبتها مليارات انصرفت على الشوارع، وإلى الآن حدها سيئة وتفشل، والظاهر إحنا ومجلسنا وحكومتنا تعودنا عليها، وأضحت جزءاً من تراثنا، ويمكن في المستقبل تصير وجهة سياحيّة، الناس تزور الكويت علشان تشوف قباحة شوارعنا ومطباتنا الفريدة، ومرات أتساءل وين ساكنين الوزراء، وخصوصاً وزير الأشغال؟ يا ترى الشوارع اللي جدام بيوتهم تختلف عن شوارعنا، وأكملت حديثي ممازحاً الظاهر في سر عند البحرينيين إحنا الكويتيين ما نعرفه يتعلق بالخلطة الإسفلتية، يمكن هُم يضيفون لها ماي لقاح وماي المرقدوش وشوية متاي وحلوة شويطر الطيبة، مع التزام ومهنية علشان جذي خلطتهم سنعة وشوارعهم سنعة، وإحنا الظاهر نضيف معاها ماي صليبي مخلوط بغش وقلة دبرة وفهم إحياناً، فغير ذلك ما عندي تفسير، ولكن اللي متأكد منه أننا فعلاً نكسر الخاطر.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء السادس من ديسمبر 2022 (الرابط الإلكتروني)

نكسر الخاطر (1)PDF

عدد الزائرين:

130 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr