الأمور طيبة
في حديثٍ جانبي بين صاحب شركة عقارية ومديره المالي، وكنت أسمع هذا الحديث، فصاحب الشركة صار له سنتين أو أكثر موقف شغل التطوير، والمدير المالي يقوله: «ما يصحش كده». المهم صاحبنا من أوقات كورونا وما تلاها صار الحذر هو الغالب على شغله، ويقول صعب عليّ آخذ قرارات جريئة كالسابق لضبابية الوضع في البلاد، وسألني: «وأنت شرايك؟»، رديت عليه: «أنا ما لي شغل بأمور تجارتك وأنت أبخص، وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها، ولكن أقدر أرد على كلمتك اللي شبَّهت الوضع بالضبابي، ففي واقع الأمر فعلاً منذ كورونا ونحن نعيش في الوضع الضبابي ومشاكل الفساد والترهّل الوظيفي، وزد على ذلك مجالس الأمة المُتعاقبة، والتي يحلو لي أن أُطلق عليها «مجالس الغفلة»، شلَّت يد الحكومة، التي أحياناً انصاعت لمطالبات تلك المجالس الجائرة والفئوية والمصالح، وغيرها من الأمور التي امتلأت الصحف والسوشيال ميديا بتفاصيلها، وبدأنا ننجر اتجاه نظام اشتراكي هجين وغير مُكرر بالعالم، حربٌ شعواء على التجار والتجارة، مع أن العديد من أعضاء المجالس السابقة، إما من التجار أو أبناء التجار، أو من هم في طريق التجارة من خلال المنصب، وحوصرت البلاد بقوانين عرجاء غير كاملة الدراسة، أما الآن، فباعتقادي بدأ الضباب بالانقشاع، ولكن حتى لا نكثر من التفاؤل، فما زال الطريق طويلاً، ولكنني أرى أننا على السكة الصح، أما الادعاء أن الحكومة، وبعد مئة يوم من تشكيلها، ما سوّت شي، فتلك مقولة البعض ممّن هم متضررون من الوضع الجديد، وأما العموم فالإحباطات السابقة مازالت مسيطرة على عقولهم، ويحتاجون إلى وقت للتخلص من ضبابيتها حتى يروا الأمل بالإصلاح ليس ببعيد المنال، والظاهر صاحبي تملل من كلامي، وقال لي: «شوف الشوارع شلون شكلها، ومتى بتخلص بعدين تكلم»، الصراحة استغربت هذا الكلام يصدر من مطوّر عقاري، وسألته: «إذا أنت تبي تبني برج بارتفاع عشرين دوراً، كم شهراً تحتاج لتطور الفكرة؟ وبعدها كم شهراً تحتاج للحصول على التراخيص اللازمة؟ وكم سنة تحتاج لتبني؟»، ورد عليّ، وقال: «أحتاج على الأقل سنتين»، تمام إذا برج واحد يأخذ سنتين، فكيف هو حال طرق الكويت التالفة بأكملها؟ فكم برأيك تحتاج وزارة الأشغال من وقت لإنهاء الدورة المستندية وإجراءات التعاقد والتنفيذ ومن دون لعب وواسطات؟ إذاً فإعلان وزارة الأشغال، والذي كُنا قد قرأناه في الصحف بالبدء في أعمال الصيانة ابتداءً من العام المقبل لهو إنجازٌ كبير، ومثل هذا الكثير من الإجراءات الحكومية والسريعة، كالبدء بإجراءات تنفيذ قطار الكويت الرياض، وزيارة الوفد الصيني قبل كم يوم لتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة سابقاً ما بين الكويت والصين، وانجازات اخرى لا يسعها المقال، ولكن الأهم منها الإجراءات القوية والجادة من وزارة الداخلية بتنظيف البلاد من مزوري الجنسية وضبط العمالة السائبة، والتخلص من مخالفي الإقامة، بدون قفل البلاد وعزلها عن محيطها بحجة تعديل التركيبة السكانية، فالحزم الواضح جداً بتطبيق القانون هو ما تحتاجه عزيزي المواطن، سواء كنت موظفاً أو تاجراً، نعم هناك قوانين تحتاج إلى أن تُراجع، وهناك أخطاء سوف تحدث، ولكن نحن، وكما أسلفت، على السكة الصح وإن طالت، وعلى الأقل صرنا عارفين نوعاً ما وين الطريق مودينا، ويا صاحبي الحمد لله الأمور طيبة، واسمع كلام مديرك المالي، وابدأ بأعمالك، حتى لا يستشري صدأ الماضي بين مفاصل عقلك وشركتك.
وتسلمون.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء العاشر من سبتمبر 2024 (الرابط الإلكتروني).
الأمور طيبة - PDF