الدور على "التربية"

 

essay image

سبق ان طالعتنا الصحف بأنباءٍ عن سلسلة تحديثات أصدرتها وزارة التربية تسهم، إلى حدٍ ما، في رفع مستوى المنهج التعليمي في مدارس التعليم العام والخاص، بعد أعوامٍ عديدة عاشها الواقع التعليمي بين دفتي نظام «كفايات»، العاجزين عن تطبيقه في المكان الصحيح. فجميعنا يعلم أن هذا النظام هو نظامٌ متميز من حيث الأسس والمبادئ والملامح الأساسية، ولكن وكما يقول الشاعر «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن»، ما زجَّ بالواقع التربوي بين غياهب هذا النظام والعجز عن تنفيذه. واليوم، ولله الحمد، بدأنا نرى ونسمع بوادر تجديدٍ وتحديثٍ في الواقع التربوي، ولعل أبرزها ما أصدرته وزارة التربية من نشرة عامة توجهت بها لجميع مدارس لتفعيل حصة القراءة في المكتبة المدرسية، وهذه خطوة إيجابية نحو تعزيز الواقع التربوي، لما للقراءة والمطالعة من فائدة كبيرة تعود بالنفع على المتعلم في تنمية مهاراته وقدراته التعليمية. ومن بوادر الخير أيضاً ما أصدره الوكيل المساعد لشؤون التعليم بقرار ترديد النشيد الوطني كاملاً في الطابور الصباحي المدرسي في جميع المراحل التعليمية، الذي يُعدُ أحد ركائز الاعتزاز بالانتماء الوطني، بالإضافة إلى ما دعت إليه وزارة التربية الإدارات المدرسية بتسهيل مهمة وزارة المالية الخاصة بنشر الثقافة الضريبية بين طلبة المرحلة الثانوية من خلال تحديد مدرستين في كل منطقة تعليمية لإقامة ندوات تعريفية لنشر الثقافة الضريبية بين الطلبة، ما يسهم أيضاً في رفع الوعي الضريبي بينهم. فجُلُّ هذه المبادرات في مكانها ونأمل تطبيقها والاستمرار بها وعدم إلغائها أو الإغفال عنها في المستقبل، وما نقدر نقول إلا مشكورة الوزارة والقائمين عليها على هذه المبادرات والتحدثيات الجديدة في النظام التعليمي، ونأمل أن تُستكمل سلسلة التحديثات لتطول مواضيع ومواد أكثر، فالضبط والربط اليوم يقع عليها، فهي المسؤولة عن إعداد قادة المستقبل، وكلما سعت وعملت على تطوير المناهج التي تُعزز مهارات الطالب وتصقله تربوياً ووطنياً، ووفرت البيئة التعليمية المناسبة والمُشجعة على الإبداع والابتكار، أدت دورها بشكلٍ جيد وأعدت جيلاً قائداً وقادراً على المساهمة في تنمية الوطن وازدهاره أكثر فأكثر، لذلك نأمل منها أن تعتني أكثر بموضوع اللغة العربية والخط العربي وأن تضعه في سلم أولوياتها ومبادراتها، فغالبية الطلبة اليوم يستلمون كتب الخط في أول العام الدراسي ومع مرور الأيام ما يدرون عنها شيء، وبإمكانكم إجراء اختبارٍ بسيط وأخذ عينة من الطلبة ونطلب منهم كتابة أسمائهم باللغة العربية وخلنا نشوف كم واحد خطه مقروء، فهذا موضوع مهم جداً، ويوازيه بالوقت عينه موضوع التربية الوطنية الذي نأمل من الوزارة الالتفات له أيضاً، فمن خلال هذه المادة نغرس المبادئ الوطنية في الأجيال الناشئة من كل النواحي. كما بإمكان الوزارة أيضاً الاهتمام بإقامة دورات الفتوّة والتدريب العسكري، وللعلم تلك الحصص والمواد كانت من ضمن المناهج أيام السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. ويمكن إضافة مادة خاصة بالصف الثاني عشر تُعنى بالقيادة وقوانين المرور قد تكون فكرة جيدة تستحق الدراسة. ونأمل أن تمتد هذه المبادرات والتحديثات لتصل إلى المعلمين، الركيزة الأساسية في العملية التعليمية، من خلال تأهيلهم واكتشاف قدراتهم وصقلها، ما سيؤدي بالفائدة على الطالب بشكلٍ مباشر. وبمثل هذه الجهود الشاملة والمتكاملة تسهم الوزارة والقطاع التربوي والتعليمي في بناء جيل من القادة المؤهلين والقادرين على مواجهة تحديات المستقبل وقيادة المجتمع بالتالي نحو التقدم، وتحقق بذلك نهضة تربوية شاملة تليق بطموحات وطننا العزيز...

وتسلمون.

 المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الخامس عشر من أكتوبر 2024 (الرابط الإلكتروني)

الدور على "التربية"PDF