عامٌ مضى.. وولادة وطن

essay image

عامٌ مضى وآخر على الأبواب، وها نحن نودِّع سنةً من عمرنا، حملت في طياتها أحداثاً عديدة تنوعت بين السعيدة والحزينة، سَعِدَ الناس فيها بمن جاءهم من مواليد، وحزنوا على من فقدوه، وهذه حال الدنيا، وما علينا سوى أن نحمد الله على نعمهِ ونصبر على ابتلاءاته، ونسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا وعلى سائر البلاد العربية بنعمة الأمن والأمان والطمأنينة، ولله الحمد فقد منَّ الله علينا منذ بداية العام الفائت بتولي صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح -حفظه الله- مقاليد الحكم، فكان عاماً ملؤه البشائر والخير والازدهار والرفعة التي تليق بهذا الوطن الحبيب، الذي شهد عبر تاريخه ثلاث ولاداتٍ مجيدة، مثّلت كل منها نقطة تحولٍ في مسيرة الوطن ونهضته، إذ تجلت الولادة الأولى عام 1961م حينما نالت الكويت استقلالها والذي توِّج فيما بعد بدستورٍ فريد أرسى نظاماً ديموقراطياً مميزاً، أما الولادة الثانية فكانت بعد التحرير من الغزو العراقي الغاشم، حينما نهض الشعب الكويتي واستطاع بفضلٍ من الله والالتفاف حول القيادة الحكيمة أن يعيد للكويت مجدها وعزها، وها هي اليوم تشهد ولادةً ثالثة على يد صاحب السمو -حفظه الله ورعاه- فمنذ توليه القيادة وعدنا سموه بحماية الوحدة الوطنية ومكافحة الفساد وتعزيز مكانة الكويت على الساحة العالمية، وها هي قراراته الحكيمة تتوالى، بدءاً من حل مجلس الأمة السابق، ذلك القرار الذي أسعد جُلّ أهل الكويت، لما فيه من إنقاذٍ للبلاد من فتنةٍ وانحرافٍ كان يهدد مستقبل الكويت وأهلها، بعدما ساد الهرج والمرج على المشهد السياسي وتعطلت التنمية وتفشى الفساد، نتاج أغلب مجالس الأمة السابقة التي أضاعت الكثير من مكاسب الدولة وأدخلتنا في فوضى أخذت بالبلاد نحو منحدرٍ خطير وقراراتٍ غير صائبة، ولم تقتصر إنجازات سموه على الإصلاح السياسي فحسب، بل امتدت لتشمل ملف الهوية الوطنية وما شمل من مثالب، بالإضافة إلى ما شهدناه من نهضةٍ نوعية في العديد من القطاعات الحيوية، وفتح الآفاق الجديدة أمام شبابنا من خلال دعمهم وتمكينهم، وها نحن نرى آثار هذه الولادة الثالثة تتجلى في كل المجالات، ومنها المجال الرياضي، حيث نسعد اليوم بدورة كأس الخليج العربي ومشاركة الدول الخليجية الشقيقة في هذا العرس الخليجي، وقد انعكست روح التجديد هذه على التنظيم المحكم والإدارة المتميزة التي سعت جاهدةً لإخراج هذا الحدث الرياضي الكبير بصورة مشرفة تليق باسم الكويت ومكانتها، كما تجلت آثار هذه الروح الإيجابية والولادة الجديدة على أداء المنتخب الكويتي، الذي يسعى دوماً لتقديم مستويات مشرفة تعكس روح التجديد التي تسري في عروق الوطن، وهنا لا يسعنا سوى أن نتمنى التوفيق والنجاح لفريقنا الأزرق، وللمنتخبات الخليجية المشاركة في هذه الدورة، وكل الشكر والتقدير للقائمين على تنظيم هذا الحدث الرياضي المميز وعلى رأسهم وزير الإعلام والثقافة ورئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس الخليج العربي الأستاذ عبدالرحمن المطيري الذي وعد ووفى، ونقول له ألف شكر ما قصرت، وفي النهاية نصل إلى نتيجة مفادها أنه إذا كانت الولادة الأولى قد أسست دولة المؤسسات والقانون، والولادة الثانية أعادت بناء ما دمره الغزو، فإن ولادتها اليوم على يد صاحب السمو تعيد بناء القيم والمبادئ وتصحح المسار لتستعيد مكانتها المعهودة لها كعروسٍ للعروبة ودرة للخليج، إنها النهضة الشاملة التي تبشرنا بالمستقبل المشرق الذي يليق بتطلعات الشعب الكويتي وتاريخه العريق، وندعو الله أن تكون السنة القادمة سنة خيرٍ وبركة علينا وعلى وطننا الحبيب، ونسأله تعالى أن يحفظ أميرنا ويسدد خطاه ويوفقه لما فيه خير البلاد والعباد.

وتسلمون.

 المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الحادي والثلاثون من ديسمبر 2024 (الرابط الإلكتروني).

عامٌ مضى.. وولادة وطن - PDF