الله يهديكم

 

 

 

بينما كنت أنتظر وقت الصعود إلى الطائرة، فإذ بي ألتقي صديقاً هو مهندس ملتزم تاجر عقار، ومن أسرة ضليعة في التطوير والبيع والشراء والدلالة. استهل حديثه: وينك من زمان ما شفناك؟! وأكمل انه متابع لمقالاتي، وخصوصاً العقارية منها، إلا أنه يعترض بشدة على وجهة نظري تجاه تعديل قانون البناء. فهو يرى أنه، والورثة الذين يمثل، لا يخالفون أبداً، بينما جيرانه يخالفون ويحصدون أرباحا وإيرادات أعلى نتيجة مخالفاتهم؛ لذلك يجب أن يُعاقبوا، وبشدة. حاولت تهدئة انفعاله، لكنني كمن سكب الزيت على النار، حين عقّبت بأنني أيضاً غير مخالف، ومع تطبيق القانون وإزالة المخالفات، لكن علينا أن نمكّن الناس من إزالة مخالفاتهم، لا معاقبتهم وهدم بيوتهم، فنحن نبتغي العنب لا الناطور. وعليه يجب تحديد مهلٍ قانونية لإزالة المخالفة تتماشى مع الواقع، فمخالفة دور كامل لا تمكن إزالتها في خمسة عشر يوماً. كذلك يجب تعديل قانون الإيجار بحيث يتضمن آلية لإخلاء العين المخالفة، ومن ثم إزالتها، فوجود المستأجر وبموجب قانون الإيجار هو عائقٌ رئيسي أمام إزالة المخالفات، ولا يمنع ذلك من تحديد تعويض مادي مقطوع للمستأجر. لكن صاحبنا اعترض على هذا الرأي، فهو يرى أن المخالف عليه أن يدبّر نفسه ويتحمّل مسؤولية خطئه، ويتفاوض ويدفع للمستأجر تعويض إخلائه، وأن كل من اشترى عقاراً مخالفاً هو على علم بالمخالفة، يعني بالكويتي «قلعته». كنت سأشرح له تبعيات القانون على البنوك؛ فكثير من تلك العقارات المخالفة هو مرهون لديها، خصوصاً في حال من قام بالتمويل من خلال منتج الإيجار، وحق الدولة مقدم على حق الرهن، يعني سندخل في أزمة مالية. لكن تأخّرت على الطيارة، فاعتذرت عن المتابعة، مودعاً صاحبنا.

ومن هنا أدعو نواب مجلس الأمة إلى التريث قبل إقرار هذا القانون، من ناحية ضرورة وضع آلية ولو محددة المدة؛ تمكّن المخالف من إزالة مخالفته، وبعدها «كلٌّ من ذنبه على جنبه». وأكرر إن كانت هناك مشكلة فعلى الحل أن يكون بناءً وإيجابياً لا هادماً. فحل المشاكل لا يكون بمبدأ النحاسة والانتقام، فهذا القانون به ما به من فكر عقيم بُني على مبدأ الفعل ورد الفعل. وأرجع بذاكرتي إلى بداية أزمة المناخ حين خرج علينا وزير المالية في مقابلة تلفزيونية، مصرّحاً: الكل يلتزم بالقانون، واللي عليه شيك يدفعه واللي ما عنده يبيع عقاله ويسدد. وكلفت نظرية العقال الدولة أزمة مالية كبرى لا تزال آثارها الوخيمة قائمة حتى اليوم. 

وأختم بالقول: إن الرأفة بالعامة هو الحل، فالكثير منهم لم يعرف بالمخالفة ولا يعرف شلون يطلع منها. فلنساعدهم على تطبيق القانون! والعمل الطيب ما يضيع عند الله.

 

عدنان عبدالله العثمان

 المصدر: جريدة القبس ٧ إبريل ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني)

 

الله يهديكم Pdf

عدد الزائرين:

179 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr