تحسين مستوى معيشة المواطنين

essay image

هذا العنوان نراه بشكلٍ دائم في الصحف وتسريبات السوشيل ميديا على هيئة تصريحاتٍ للنواب وتصريحاتٍ للحكومة، فمرة متفقين ومرة مختلفين، وتهديد النواب بالاستجوابات تخلي الحكومة تتراجع وميزانية الدولة ووضع سيولة التأمينات الاجتماعية أيضاً تخلي الحكومة تعيد النظر، فنوابنا الأفاضل بعضهم يرى مصالح ناخبيه تأتي أولاً، فيما يرى البعض الآخر أن هناك هدرا كبيرا بالدولة من الأفضل ضبطه وتحويل هذا الهدر لتحسين معيشة المواطن، وهناك من يرى أن تؤخذ ضرائب من التجار لتمويل تحسين معيشة المواطنين، ناسين أو ما يدرون أن الضرائب في الدول المتقدمة تؤخذ وتوجه لخدمات الدولة من طرق ومستشفيات وجيش وشرطة، وتلك الدول ما عندهم قصة «وظّف غالبية عيالنا في الوزارات» بإنتاجية غير مرضية، وما عندهم شغلة أخذ من تاجر وادفع رواتب موظفين، العديد منهم زايد عن الحاجة، تلك الشغلة ما هي مهنية ولا فيها أيّ نوعٍ من العدالة، وكأن بها من قصة «روبن هود» الكثير، ونضيف إلى ذلك أن الدول المتقدمة واللي تأخذ ضرائب ما تملك مصادر الثروة من نفط ومعادن وغيرها ولا تسيطر على 90 % من أراضي الدولة. نعم، أنا مع الضرائب ولكن ليس مع ضرائب «روبن هود»، المهم نرجع للمواطنين ولأهم شريحة منهم، ألّا وهي «شريحة المتقاعدين» اللي صار لهم سنوات تحت الضائقة ورواتبهم أكلها التضخم والغلاء إلى أن أُقر قانون زيادة الحد الأدنى، وبفضلٍ من الله وبتوافقٍ غير مسبوق مرَّ القانون، ولكن السؤال هنا هل هذا القانون كاف ويحل المشكلة؟ فشخصياً أقول وبكل أريحية: «لا»، فرواتب المتقاعدين عُدّلت ورُفعت نتيجة ضعف القوة الشرائية لدينارهم نتيجة الغلاء والتضخم العالمي قبل المحلي، زين شلون الوضع بالسنة المقبلة واللي بعدها؟ ولو فرضنا دخل العالم بتضخمٍ جديدٍ لأي سببٍ من الأسباب وارتفعت السلع عندنا في الكويت، خصوصاً ونحن دولة مستوردة لمعظم احتياجات مواطنيها، فكيف سيكون الأمر؟ فمن المؤكد هنا ستتآكل تلك الزيادة التي أُقرَّت اليوم ويدخل المتقاعد بدوامة الإعسار مرة أُخرى، وذيك الحزة وين بنلاقي توافق حكومي برلماني لإنصاف هؤلاء؟ كم تمنيت أن يشمل هذا القانون زيادة سنوية متغيره وترتبط بمعدل التضخم في البلاد ويصدر من الدولة بموجب دراساتٍ إحصائيةٍ مهنية، بمعنى لو صدر معيار التضخم لعام 2024 بنسبة 5 % تزداد الرواتب بالنسبة نفسها، وإذا نسبة التضخم لهذا العام صفر فلا تزداد الرواتب، فقط بتلك الطريقة نستطيع أن نحافظ على القوة الشرائية لمتقاعدينا، وبعطي مثال ومع الفارق بالتشبيه، وهو نظام زيادة نسبة إيجار السكن في احدى الدول الأوروبية، فعندهم تُصدر البلدية نسبة يُسمح لملاك العقارات زيادتها مباشرةً ومن دون محاكم على المستأجرين، وتلك النسبة متغيّرة حسب معيار التضخم عندهم، فمُمكن تكون صفر وممكن تكون 10 %، وطبعاً الحكومة هناك تبي تحكم زيادة الإيجار وبالوقت نفسه لا ترغب بإعسار قطاع العقارات وجعله غير جاذب، لأن هذا القطاع هو من يوفر الفائض من الشقق السكنية وهو من يدفع الضرائب للدولة، فالموضوع ليس بقص ولزق، إنما ميزانٌ عادلٌ يخدم كل الأطراف ويحافظ على ديمومة مالية الدولة، أما في الكويت، فعندنا شيء شبيه، حيث إن قانون الإيجار يسمح للمالك برفع الإيجار بحد أقصى 100 % كل خمس سنوات، ولكن القاضي هو من يُحدد تلك النسبة فمرة يرفع ومرة ما يرفع، فوجود معيارٍ للتضخم في الدولة أيضاً يجعل مأمورية القضاء لتحديد نسبة الزيادة أسهل، المهم موضوعنا اليوم ما هو عقاري، بس حبيت أشبه لإيصال الفكرة. وفي هذا السياق، أقول ألف مبروك لمتقاعدينا وألف شكر وتقدير للقيادة السياسية، والله يطول بعمر أميرنا وولي عهدنا ويديم عليهم الصحة والعافية، والشكر موصولٌ لمجلس الوزراء ومجلس الأمة، ومنها إن شاء لله إلى المزيد من القوانين التي تفيد البلاد والعباد.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الواحد والعشرون من نوفمبر 2023 (الرابط الإلكتروني)

تحسين مستوى معيشة المواطنين  -  PDF