الوقفية في حفظ النفس و الذرية

قراءة تربوية في أقدم وثيقة وقف محفوظة ضمن أرشيف عائلة العثمان

1287هـ / 1870م

 

إن أراد العبد أن يحفظ نفسه و ذريته من وقوع البلاء فلا سبيل له إلى رده بإذن الله تعالى إلا بالدعاء و الصدقة و إن كانت صدقته بشق تمرة . و لما كان الوقف أبر الصدقات عند الله سبحانه و تعالى لاستمراريتها في الأجر و الثواب بعد وفاة صاحبها فقد دأب المسلمون منذ بداية ظهور نظام الوقف الإسلامي في زمن الرسول صلى الله عليه و سلم إلى اعتماده في وصاياهم و توثيقها لدى القضاة و أولي العدل منهم حفاظاً عليها و تصديقاً بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية , أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعو له " . و لإن الوقف عبادة شرعية تنطوي على جانب كبير من الأحكام المذهبية و الآراء الفقهية و الشروط القانونية فقد استلزمت من صاحبها العلم و المعرفة , على الأخص ما يتعلق بالجانبين الشرعي و اللغوي حتى يضمن الواقف تحقيق القصد و النية من وقفه . و نحن إذ نستعرض أقدم وثيقة وقف محفوظة ضمن أرشيف عائلة العثمان و التي تم تحريرها في الكويت عام 1870م , أي قبل ما يزيد عن مئة و أربعين عاماً , فإننا ننظر إلى هذه الوثيقة من الناحية التربوية فيما يتعلق بالأبوين و الدور الذي يلعبه العلم في إرشاد كل من الأب و الأم إلى السبيل الصواب في تربية أبنائهما و غرس قيم الخير للعائلة و المجتمع من خلال ضرب المثل و إرساء القدوة الحسنة في الحياة و بعد الممات سواء بالوصية أو الوقف . و حتى تتضح الصورة التربوية لدى القارئ كان لا بد لنا أن نستهل قراءتنا بشرح مبسط لماهية الوقف أولاً  بما يثري القارئ من معلومات موجزة هي مفاتيح أساسية تفتح له الباب إن أراد التعمق في نظام الوقف الإسلامي و تاريخه و إسهاماته في صنع الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها. 

على مر عصور التاريخ الإسلامي جسد الوقف رافداً حيوياً في ضمانالتكافل الاجتماعي داخل المجتمعات الإسلامية و ذلك لسببين رئيسين : أولاهما أن الوقف في الشريعة الإسلامية هي صدقة محرمة بمعنى أنها لا تباع و لا تشترى و لا توهب و لا تورث و يصرف ريعها في مجال البر , و هذا من شأنه أن كفل للوقف الاستمرارية و أصبغها الحماية القانونية . أما السبب الثاني فيعود إلى ما أعطاه نظام الوقف الإسلامي للواقف من حرية مطلقة في تحديد مجال البر و تحديد الجهة المستفيدة من الريع أو العقار و وضع كافة الشروط التي يراها تحفظ الوقف     و تحقق القصد و النية من حبس العين أو العقار أو المال على أن لا يكون في معصية . فتنوعت الأوقاف و ازدهرت بين إعمار المساجد  و المستشفيات و المدارس و إطعام المساكين و فك أسرى المسلمين و إيواء الأرامل و المطلقات و فاقدي الأهلية و كفالة الأيتام و توفير الأسبلة للناس و للدواب و كسوة الجيش و إطعامه  كل ما يندرج ضمن منظومة أعمال الخير التي تتضمن أي خدمة اجتماعية إنسانية صحية دينية للناس و المجتمعات . و لإن الواقف إنما كان يهدي وقفه لله عز و جل صدقةً دائمة لا تنقطع إلا بإذنه تعالى نجد أنه كان من ديدن الواقفين إعلان حرصهم الشديد , و ذلك من خلال ممارسة حقهم في وضع كافة الشروط الملزمة للجهة المسؤولة عن تنفيذ الوقف و إدارته , أن تتحلى الخدمة المقدمة من خلال أوقافهم بأعلى المعايير و الشروط حرصاً على إرضاء الله سبحانه و تعالى بصدقة جارية تستجلب الأجر و الثواب من رب العالمين و الدعاء بالرحمة و المغفرة من الأبناء و العباد و المساكين . و بناءً عليه شكل نظام الوقف الإسلامي أحد أهم أنظمة الدعم المالي الخيري الاجتماعي للدولة فيما يتعلق بتقديم الخدمات الاجتماعية و الإنمائية للشعب بسائر أطيافه .    

و يعد الوقف كله خيري بحسب أصله الشرعي لإن الواقف إنما يتصدق بالمنفعة  و الغلة إلا أن تسمية حديثة أطلقت على فرعين لنظام الوقف اعتماداً على الجهة المستفيدة و هما " الوقف الخيري "  و " الوقف الأهلي " . أما مصطلح " الوقف الخيري " فيطلق على الوقف  " حين تحبس العين عن أن تملك لأحد من العباد و التصدق بمنفعتها ابتداءً على جهة بر لا تنقطع كالفقراء  و المساجد " [1]. أما المصطلح الثاني و هو " الوقف الأهلي " فيطلق على الوقف   " حين يتم التصدق بريعها و منفعتها على من يحتمل الانقطاع واحداً أو أكثر ممن لايعتبر الصرف إليه صدقة ثم يجعلها من بعدهم لجهة بر لا تنقطع و ذلك كأن يحدد الواقف الجهة المستفيدة من وقفه بنفسه و ذريته و من بعدهم للمساكين " [2] . و معظم الأوقاف الإسلامية الأولى جاءت بصفة الوقف الأهلي عملاً بقوله تعالى في محكم كتابه العزيز ( يسألونك ماذا ينفقون , قل ما أنفقتم من خير فللوالدين و الأقربين و اليتامى و المساكين و ابن السبيل " .[3]و تعد وثيقتا الوقف المحفوظتان لدى أرشيف عائلة العثمان و التي تعود أولاهما إلى عثمان ابن أحمد العثمان الجد الأكبر لعائلة العثمان و الثانية إلى زوجته شريفة بنت صياح  ضمن تعريف   " الوقف الأهلي " .

و قد حررت الوثيقة الأولى في تاريخ 3 صفر عام 1287هـ الموافق لتاريخ 4 مايو 1870م  و وثقت لدى القاضي محمد ابن عبدالله العدساني . و تبين الوثيقة أن عثمان بن أحمد العثمان قد باع زوجته شريفة بنت صياح نصف بيته . و حين استقر المبيع و ثبتت ملكية شريفة لنصف البيت قامت هي بدورها بوقف ملكيتها في البيت على أولادها من عثمان و هم عبدالله و أخواته فاطمة  و مريم و لولوة , على أن يؤول الوقف من بعد البنات إلى ابنها عبدالله و ذريته من بعده,  كما و أن لها فيه , أي الوقف , أضحية و إطعام و ذلك عملاً بشمل المساكين في أي وقف و إن كان أهلياً . و قد أعلن القاضي الوقف وقفاً صحيحاً شرعياً لئلا يخفى وقام بتوثيقه و ذلك بتحرير نصه و ختمه.

 وثيقة الوقف الأولى في أرشيف عائلة العثمان تعود للجد الأكبر عثمان بن أحمدالعثمان عام 1870م

أما وثيقة الوقف الثانية فهي تعود إلى شريفة بنت صياح زوجة عثمان بن أحمد العثمان و قد حررت في تاريخ الأول من ربيع الثاني عام 1294 هـ الموافق لتاريخ 15 إبريل 1877م أي بعد سبع سنوات من تحرير وثيقة الوقف الأولى . و تبين وثيقة الوقف أن شريفة بنت صياح قد أوقفت كامل بيتها على ابنها عبدالله  , و هو ذات البيت الذي اشترت نصفه من زوجها عثمان بن أحمد العثمان و أوقفته في وثيقة الوقف السابقة. و تبين هذه الوثيقة حرية الواقف في تحديد الجهة المستفيدة من الوقف و شروطه . فشريفة أوقفت كامل البيت لابنها عبدالله لكنها وضعت شرطاً يضمن حق بناتها في الاستفادة من البيت و ذلك بأن كفلت لهن الحق في النزول إلى البيت و المبيت فيه على قدر الحاجة متى ما اعتازت[4] إحداهن ذلك . و كما هي الحال في الوثيقة الأولى فقد أعلن القاضي محمد ابن عبدالله العدساني وقف شريفة وقفاً صحيحاً شرعياً لئلا يخفى و ذلك بتحرير نصه و ختمه .

 

وثيقة الوقف الثانية لشريفة بنت صياح زوجة عثمان بن أحمد العثمان حررت عام 1877م

 

 

عدا عن قيمتها التاريخية و العائلية التي لا تقدر بثمن , تحمل لنا كل من تلك الوثيقتين عند قراءتها بعين المربي و المعلم ما نستزيد به من إضاءات تربوية تعكس حقيقة منظومة القيم العائلية التي لا بد أن تتمتع بها الأسرة حتى تضمن استقرار أبنائها ضمن بيئة محبة و متكاتفة , فالأسرة أولاً و أخيراً هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل و تتبلور فيها شخصيته الإيمانية و الأخلاقية و العلمية .

1.     نبدأ مع وثيقة الوقف الأولى و مسألة بيع أحمد بن عثمان نصف بيته إلى زوجته شريفة بنت صياح و هو ما يطرح مسألة مشاركة الزوج و الزوجة في ملكية البيت الحاضن لأسرتهم الصغيرة . و تتعدد الأراء المؤيدة و المعارضة لمسألة مشاركة الزوجين في ملكية البيت و يعود السبب في ذلك الجدل أساساً إلى حال التعنت و الخلل الذي يصيب أحد الزوجين أو كلاهما في المغالاة في استخدام حق الملكية بما يتكفل بهدم عماد الأسرة على الأخص في حال التخاصم و الطلاق . فالأصل في مشاركة ملكية البيت هو الحفاظ على وحدة العائلة و صون كرامة الزوجة و الأبناء في حال أصاب الزوج مكروه و ذلك عبرضمان حقهم الشرعي في بيتهم فلا يجرؤ أحد على طردهم منه  .  و هكذا كان الحال مع أحمد بن عثمان الذي تزوج من ثلاث نساء   فأنجب من كل منهن أبناء له في كل من الإحساء مسقط رأسه و في البحرين و في الكويت و ذلك لما اتصفت به حياته من ترحال بين الثلاث مناطق سعياً وراء الرزق . و هو و إن باع زوجته في الكويت نصف بيته فإنما ليدرأ الضرر عن زوجته و أبنائه من بعده في حال لم يكن موجوداً . و ذات الصنيع قام به أحمد بن عثمان تجاه أسرته في الإحساء إذ أوقف أرضاً زراعية ذات نخيل مثمر على أبنائه حتى تكون ضامناً لهم .   

2.     ننتقل إلى مسألة وقف شريفة بنت صياح نصف البيت الذي اشترته من زوجها مباشرة على أبنائها وهم عبدالله و فاطمة و مريم و لولوة . لأن قصد شريفة كزوجة و أم هو الحفاظ على عائلتها و أبنائها لا التملك بحد ذاته قررت شريفة أن تحبس العقار المملوك لها في البيت على أبنائها من زوجها أحمد بن عثمان . و يستوقفنا هنا شرط تحديد الجهة المستفيدة من الوقف بأبنائها من زوجها الذي باعها البيت . و يعكس هذا الشرط احترام شريفة لزوجها و سمو أخلاقها و تقديرها لصنيعه أن حددت المستفيدين بأبنائها منه دون غيرهم في حال الزواج مرة أخرى .

3.     أوقفت شريفة نصف البيت ثم كامله بعد سبع سنوات على أبنائها دون تفرقة في حق الاستفادة بين الابن عبدالله و البنات فاطمة و مريم و لولوة . إلا أن هذا الحق المتساوي في الاستفادة من البيت يقف عند البنات دون ذرياتهن على عكس عبدالله الذي ينتقل حق الاستفادة من وقف البيت منه إلى ذريته من بعده كما شرطت شريفة في كل من وقفيها . و لا يعد هذا الشرط انتقاصاً من مبدأ المساواة في المحبة من جهة شريفة إلى أبنائها بل هو في الواقع ترسيخ له , إذ اعتاد الكثير من الواقفين في حال الوقف الأهلي حرمان بناتهن من حق الاستفادة من ريع الوقف و حصره فقط بالأبناء الذكور . و يأتي استقصاء ذرية البنات من الوقف من قبيل المبدأ الاجتماعي الذي يضع الإبنة حال زواجها ضمن حمى زوجها المسؤول أولاً و أخيراً عن رعاية زوجته و أبنائه .

4.     في الوقفية الثانية اشترطت شريفة أن تكون إدارة الوقف المتمثل ببيتها في يد ابنها عبدالله , لكنها لم تترك مسألة إدارة الوقف دون تحديد للمسؤوليات المنتظرة من ابنها . فحددت بداية أن يكون لها في الوقف إطعام للمساكين و ذبح للضحايا و توزيعها و هو ما يشكل الجانب الخيري الذي لا بد أن يتمتع به كل وقف أهلي بحيث يكون لغير القربى من المساكين حق فيه حتى تتكامل عناصر التكافل الاجتماعي ضمن العائلة الواحدة و المجتمع الواحد . كما و أعطت الحق لكل من بناتها الثلاث أن تسكن البيت في حال الحاجة حتى تنقضي حاجتها . و يجسد شرط شريفة الثاني درساً تربوياً إذ تقع على الأخ بعد وفاة الوالدين مسؤولية الحفاظ على أخواته البنات و درء الحاجة و العوز عنهن حتى تستقيم أمورهن .

5.     تبين لنا تلك الوقفيتين ما يجب أن يكون عليه احترام الرجل للمرأة و تقديره لدورها ضمن عائلته سواءً كانت الأم أو الزوجة أو الإبنة . فالرجل تقع عليه مسؤولية صون كرامة المرأة في عائلته و تلبية احتياجاتها بما يقدر حتى يضمن لها الحياة الكريمة . فبيع أحمد بن عثمان بيته إلى زوجته شريفة إنما ينبع من حبه لها كزوجة و احترامه لها كشريكة لحياته و اعترافه بقدرتها كأم على إدارة شؤون عائلتها بما هو الأصلح, خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار حياة التنقل التي عاشها و ما يرافق الترحال من مخاطر و بعد في المسافات. و شرط شريفة في وقفيتها فيما يختص ببناتها إنما هو احترام لهن و ترسيخ لحقوقهن المادية و المعنوية على أخيهن عبدالله في حال الطلاق أو الترمل أو حتى عدم الزواج , و هي الأوضاع التي تجد فيها المرأة نفسها في أضعف حالاتها      و في أمس الحاجة إلى دعم عائلتها دون التعرض لكرامتها أو المن عليها بالسكن .

6.     كل قرار يتخذه الإنسان في حياته هو شاهد على أخلاقه و علمه , و هكذا هي الحال مع أحمد بن عثمان و زوجته شريفة بنت صياح . فبنود كلا الوقفيتين تبين لنا أنهما يملكان من العلم الشرعي و اللغوي و الدراية القانونية و حسن التصرف و التدبير ما يستزيدان منه في تأمين مستقبل أسرتهما الصغيرة و تأمين سبل الحياة الكريمة لها ضمن حدود قدرتهما , و هو الهدف الأسمى لأي أبوين و المسؤولية العظمى التي يساءلان عنها في الدنيا و الآخرة . و لطالما كان العلم متأصلاً في بيت العثمان في الكويت الذي يسجل له التاريخ الكويتي أنه كان من بين أوائل بيوت العلم فيها . فأحمد بن عثمان مؤسس عائلة العثمان في الكويت ولد و تربى و تلقى تعليمه في الإحساء التي عرفت حينها بأنها حاضرة العلم لكونها من أهم مراكز الدراسات الدينية و اللغوية في منطقة الخليج في تلك الحقبة من الزمن , و هي التي تتلمذ على يدي علمائها ثلة فاضلة من خيرة المربين الأوائل في الكويت . أما شريفة , و رغم غياب أي معلومات لدينا عنها , إلا أن وقفيتها تشهد لها بعلمها و إيمانها و كرم أخلاقها و تربيتها الصحيحة و السوية لأبنائها .

7.     بالنظر إلى تاريخ عائلة العثمان منذ الوقفية الأولى نجد أن الوقف أصبح سمة عائلية متوارثة . فهناك وقف المرحومة منيرة العميري والدة المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان و التي أوقفت ثلث مالها للخير . و هناك وقف المرحومة موضي العثمان شقيقة المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان التي أوقفت ثلث مالها أيضاً للخير . و طبعاً هناك ثلث المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان الخيري الذي يعد صرحاً من صروح العمل الخيري في الكويت لارتباطه المباشر بإنشاء و دعم المشاريع التنموية داخل و خارج الكويت . و لا تزال تلك الأوقاف الثلاثة مستمرة في عطائها متجددة في سبل عملها الخيري إلى يومنا هذا.  و إن كان هذا يدل على شيء فإنما يدل على أن بذرة الخير متى ما غرست فلا بد أن تنمو سنابلها و يتضاعف أجرها مع الذرية الصالحة .    

و  إن كان هذا هو فضل الوقفية في حفظ النفس و الذرية , فإن هذه الإضاءات التربوية التي يمكن لأي قارئ أن يستسقيها من قراءته لتلك الوقفيتين إنما تلعب دوراً فعالاً في دفع التعليم إلى الأمام و ذلك لسبب واحد : و هو أن الأسرة تلعب دوراً تكاملياً مع دور المدرسة في تربية النشء على القيم و العلم . فاستقرار الأسرة و وجود رابط زواج صحيح و سوي بين الأب و الأم قائم على المحبة و الاحترام المتبادلين و تقديم مصلحة الأبناء في كل الظروف على كل المصالح الشخصية و المادية هو ما يخلق طالباً سوياً إن من الناحية العقلية أو النفسية أو العاطفية . و قد شهدت العديد من الحالات خلال تجربتي كمعلمة لطالبات يملكن من الذكاء و المهارات ما يؤهلهن للتفوق إلا أن البيئة الأسرية المضطربة التي يعشن تحت ظلها تكاد تهدد مستقبلهن بأكمله بالضياع . و ليس بالسر أن أعداد الطلبة الذين تتداخل معاناتهم الأسرية مع حياتهم المدرسية هم في ازدياد مطرد مع ازدياد معدلات الطلاق و دعاوى التخاصم في المحاكم بين الأبوين مما يؤثر سلباً على مستوى أخلاقيات الطلبة و مستوى التحصيل العلمي العام في الدولة . و مع هذا الانحدار في استقرار الأسرة الذي أصبح طابعاً للحياة الحديثة لا يمكن فقط الاعتماد على الإخصائي الاجتماعي في حل مشاكل الطلبة , بل لا بد أن يكون هناك من علاج وقائي يتمثل في تكريس جزء من المنهج الدراسي يهدف لإعداد الطلبة إعداداً صحيحاً لدورهم المستقبلي كآباء و أمهات, و ما هي المسؤوليات و الواجبات و الحقوق المترتبة على كل من الطرفين الزوج و الزوجة عند اتخاذ قرار إنشاء أسرة جديدة . فكما هو الحال مع الوقف , ما نغرسه من قيم و أفكار في أبنائنا ستبقى حية بعد مماتنا في كل قرار يتخذونه تجاه أسرهم و أبنائهم , فإما نحفظ أنفسنا و ذريتنا من الضياع أو نخاطر بفقدان كل شيء : الولد الصالح و الصدقة الجارية و العلم المنتفع به .                        

 


[1]د. محمد محمد أمين : الأوقاف و الحياة الاجتماعية في مصر 648 – 923 هـ / 1250 – 1517 م دراسة تاريخية وثائقية       ص 29.

[2][2]د. محمد محمد أمين : الأوقاف و الحياة الاجتماعية في مصر 648 – 923 هـ / 1250 – 1517 م دراسة تاريخية وثائقية       ص 30.

[3]سورة البقرة آية 215 .

[4]اعتاز : احتاج