نعم و بلا تكلف و لا مجاملة .. و بكل مصداقية أقول و بالله التوفيق و هو المستعان :
يتضح جلياً من واقع هذا الكتاب كيف أسس الرجل المدرسة .. مدرسة خرجت الأجيال .
أما المدرسة الأولى فقد جمع صاحبها مقومات الشخصية السوية القوية الثرية :
السوية : في وجاهة فكره , و رجاحة عقله , و حسن تخطيطه بعيد المدى.
و القوية : في نجاحها الباهر حين أصاب الهدف المطلوب في أول رمية رماها بفضل الله و توفيقه و في كل خطوة خطاها.
الثرية : بتجاربها قبل مالها ، حيث أن إسهامه كان ثرياً على الصعيد الاجتماعي و الاقتصادي و التعليمي على السواء.
و أما المدرسة الثانية فهي مدرسة العثمان التي أسسها المربي الفاضل عبدالله عبداللطيف العثمان عام 1931م حيث استمر عطاؤها حتى عام 1946م
طوال ربع قرن من الزمان شهد ثمارها الحسان
فكانت درة العثمان
لقد سبق أن شرفني كل من الأخ الفاضل عدنان عبدالله عبداللطيف العثمان و الأخت الفاضلة إيمان أسعد حفيدة المرحوم بإذن الله تعالى عبدالله عبداللطيف العثمان بطلبهما الأول لمراجعة هذا الكتاب في صورته المبدئية التي كانت مادته بحق أقصر من المادة العلمية و التاريخية التي جمعاها و صاغاها الآن بين دفتي هذا الكتاب , و لكنه الإثراء الناشئ من ثراء المادة أصلاً.
ثم شرفاني ثانية لكتابة هذه المقدمة بين يديك عزيزي القارئ .
و كيف يكتب الصغار عن الكبار ؟
و كيف يقيم التلميذ الأستاذ ؟
غير أني ملتزم أدبياً بكتابة كلمة أو شهادة في هذا الموضوع استجابة للرغبة الكريمة التي أبداها لي كل من الأخ الفاضل عدنان و الأخت الفاضلة إيمان.
لقد أحببت ذلك الجيل دون أن أراه !
لكثرة أفضاله و إسهامه العظيم على مسيرة التعليم في الكويت و قبل حدوث الطفرة الاقتصادية باكتشاف البترول , حيث وظفوا أنفسهم لخدمة العملية التعليمية في وقت كان يعذرهم التاريخ لو انشغلوا بتحصيلهم الرزق الحلال في ظل شظف العيش.
غاية ما أقول في هذا السياق :
لن أنزع إلى تحليل محتوى هذا الكتاب فأفسد عنصر التشويق في اكتشاف القارئ للتنوع و الثراء في محتوى هذا الكتاب .
و ينطبق هذا الوصف على الكتاب بشموله المدرسة , و تفاصيله في الوصية العبقرية .
نعم العبقرية لأنها سبقت زمانها و مكانها . حيث وضع فيها مبدعها ضوابط عظيمة قبل انتشار التجربة الوقفية تجلى فيها حسن تدبيره , و استشرافه المستقبل قبل إنشاء المؤسسات الوقفية و الخيرية الحديثة.
أما عملية التوثيق التي شرع بها الأخ عدنان و الأخت إيمان فهي الأخرى تمثل قدوة حسنة لنقل النعمة إلى الآخرين , و تأول مباشر لقوله تعالى : " و إنما بنعمة ربك فحدث "
و ذلك للاستفادة من تجارب السابقين الأولين , و إبراز القدرات الحسنة من خلال سيرهم.
و هذا أقل الواجب تجاه ذلك الجيل: جيل التأسيس في زمن ضعفت فيه التوثيق و ضعفت فيه آلته.
و الله الموفق إلى كل خير .. و هو الهادي إلى سواء السبيل..