وداعاً شارع العثمان

essay image

شارع العثمان الذي يمتد من الدائري الثالث إلى الدائري الرابع، وقد أطلقت الدولة اسم المرحوم عبدالله العثمان على هذا الشارع من بعد وفاته عام ١٩٦٥ تقديراً لأعماله الخيرية، وقبل ذلك كان يحمل اسم عبدالرحمن الغافقي الذي ارتبط اسمه بقيادة المسلمين في معركة بلاط الشهداء الشهيرة، والتي انتهت بانتصار قوات الفرنجة وانسحاب جيش المسلمين بعد استشهاد عبدالرحمن الغافقي، وللعلم شارع العثمان هو اللي يفصل ما بين النقرة وحولي، فيمينه النقرة حيث جامع ومنزل المرحوم عبدالله العثمان وشماله حولي، وللنقرة أسماء بمحاذاة الشارع تبدأ بنقرة الحداد ونقرة العثمان وتنتهي بنقرة الطوارئ، وهناك أجزاء أخرى حملت أسماء عائلات كويتية قد لا تحضرني أسماؤها الآن، فأرجو المعذرة، ويتوسط شارع العثمان دوار الكرد، ويعتقد الكثيرون أن التسمية جاءت نسبةً إلى الجالية الكردية التي سكنت حول الدوار في نهاية الستينيات، ولكن هذا غير صحيح، فالدوار سُميّ على اسم مطعم الكرد الذي كان من المطاعم الفلسطينية المتميزة في ذلك التاريخ، والكرد عائلة فلسطينية معروفة، المهم، الحديث عن تاريخ حولي والنقرة يستهويني كثيراً، ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم، الموضوع اليوم هو نهاية تسمية شارع العثمان واستبدال رقم به، وكذلك بقية الشوارع بالكويت والتي تحمل أسماء مواطنين، وذلك بموجب قرار حكومي، ووصلتني أكثر من رسالة من أصدقاء يسألون عن وجهة نظري تجاه هذا الموضوع، والصراحة ومن دون مجاملة، أنا مع هذا القرار، لأن فعلاً تسمية الشوارع ومنذ الستينيات، بعضها ما نفهم كيف تُطلق التسميات، وبعطي مثلاً: الكويت بعلاقاتها الوطيدة مع مصر أطلقت اسم حسن البنا على أحد شوارع الرميثية، وهو من مناهضي الحكم في مصر، وهناك تسميات مستحقة لشخصيات كويتية وعربية ومن الصحابة والتابعين وغيرهم، وخلال العقدين السابقين صارت القصة أعقد، فكل واحد عنده واسطة حط له اسم على الشارع، ومع كل احترامي وتقديري لكل الأسماء، إلا أن العديد منها ما له أي دور يستحق إطلاق اسم شارع عليه، لا والعديد منها ما تدري منو! وفي أحد الشوارع اللي كنت أمر عليها كل يوم أشوف الاسم المُطلق على الشارع وعجزت أبحث في غوغل وأسأل هنا وهناك، منو صاحبنا هذا؟ ما حد يعرف، وعندي قصة مع تاجر عقار كبير في السن ومعروف ومحترم جداً، وذلك قبل سنوات، وكان قد وضع اسم والده على الشارع المقابل لمنزله، وقلت: بوفلان، مبروك الاسم، ومجاملةً قلت: والدك رحمه الله معروف ويستحق الاسم، والصراحة فاجأني بالإجابة وقال: والدي رحمه الله إنسان بسيط وعلى قده، حاله حال الكثير من الكويتيين بذلك الوقت، ولكن أنا وإخواني اختلفنا نسمي الشارع باسم أي واحد فينا، فقررنا باسم الوالد، وهذا اللي حصل، وقلت: شلون؟ قال لي: الشغلة هذه الأيام سهلة، إذا تبي أحط لك اسم على الشارع جدام بيتك، ضحكت وقلت: مشكور وما قصرت، ما أحتاج، وطبعاً الأسماء زادت وأصبح بعضها يتشابك لأنه مرات نلاقي في نفس المنطقة شارعين يحملان نفس اسم العائلة، والأسماء صارت ثلاثية ومرات رباعية، واللي ضاع بالسالفة هو Google Maps وصار صعباً استعمال الخرائط الرقمية، وطبعاً إصلاح الأمر يحتاج مشرطاً، وعلشان ما حد يزعل، القرار اللي اتخذته الحكومة هو الصح، باستعمال الأرقام على كل الشوارع في البلاد عدا التي تحمل أسماء الحكام ورؤساء الدول والعواصم وغيرها مما تحدده الحكومة، أما في ما يتعلق بتكريم الشخصيات، فهناك طرق أخرى، فالعمل الصالح والإنجاز هما ما يخلد الإنسان وليس اسماً على شارع، فإن أُزيل اسم عبدالله العثمان عن الشارع رسمياً، فسيظل اسمه قائماً عليه لأعماله الخيرية، ويظل جامعه قائماً ومنزله الذي تحول إلى متحف، عدا مشاريع ثلث ماله الخيري التي تحيط بهذا الشارع، فالعمل الصالح هو من خلّد اسمه، وهذا ينطبق على كل الشخصيات الكويتية الخيّرة المعطاءة، فسوف يظل اسمها وأعمالها ترفرف في سماء الكويت وذاكرة الأجيال، أما الشوارع، فالأرقام هي الحل، فشكراً لحكومتنا الرشيدة لاتخاذ هذا القرار الشجاع، وتسلمون.

جريدة القبس في عددها الصادر الثامن من يوليو 2025 (الرابط الإلكتروني).

وداعاً شارع العثمان - PDF