متلازمة البعثات الخارجية (الاستقطاب 2)

essay image

بعدما استعرضت في المقال السابق تجربتي الشخصية في بداية رحلة الابتعاث عام 1975، وكيف اكتشفت ظاهرة الاستقطاب بين التيارات المختلفة، نكمل هذا الموضوع المهم الذي يؤثر في طلبتنا المبتعثين حتى اليوم في هذا المقال. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ما زال هذا الاستقطاب موجودا إلى الآن؟ أعتقد الجواب: نعم. سألني أحد الطلبة عن رسالة استلمها على تلفونه من أحد الشباب يدعوه إلى لقاء، وقال لي: من يوم ما سجلت بالبعثة بدأت الاتصالات عليّ وعلى والدي من ناس ما نعرفهم، بعضهم أفراد وبعضهم مكاتب، طبعاً السؤال الكبير: منو اللي زودهم بتلفونات الطلبة وأولياء أمورهم؟ ومن سمح لهم؟ وهل هذا امر قانوني؟ واترك الجواب للاخوة في وزاره التعليم العالي، المهم رديت على هذا الشاب وقلت: قبل كم سنة رحت مع ابني إلى مقر التعليم العالي يوم كان مقرهم في الشويخ، ودار حديث شيق أمامي، واحد من الطلبة الدارسين في أمريكا والموجود هناك يتعرف على الطلبة المستجدين ويقدم خدماته، وسمعته يقول للطالب المستجد: أحسن مكان تروح له كولورادو، فسأله المستجد: وين هذي كولورادو؟ رد عليه صاحبنا وقال له: بكالفورنيا، الصراحة ما قدرت ما أضحك، لكنني تذكرت الجماعة اللي جوني البيت وتذكرت صاحبنا اللي يبي ميشيغان، ولّا الثاني اللي يحب دجاج كنتاكي، واللي ذكرت قصتهم بالمقال السابق، وقلت: نظام استقطاب الطلبة، وبعد خمسين عاماً، ما زال قائماً! وان بدا يأخذ منحنى آخر، حيث دخلت المكاتب التجارية، التي تنشط لاستقطاب المستجدين، ومنهم الصاج ومنهم غير ذلك، والله اعلم. وتذكرت النكتة اللي تقول: في واحد أعمى ومعاه أعرج، دعمتهما سيارة، فقال الأعرج للأعمى: الحقه، فرد عليه الأعمى: لا ما له «داعي»، أخذت رقمه! المهم والقصد والنصيحة لأبنائنا الطلبة: إياكم وإياكم الوقوع بفخ الاستقطاب، ولا تأخذوا النصيحة من أحد ما لم يكن موثوقا، وخلوا ناصحكم أولياء أموركم اولا، وكذلك الملاحق الثقافية، ترى ما تقصر، والآن، والحمد لله، البحث عن المعلومة من خلال الذكاء الاصطناعي يكفيكم السؤال، والوضع الآن في أمريكا وبريطانيا مو مثل قبل، كل الطلبة مراقبون، كل كلمة وكل تغريدة وكل لايك محسوبة ومراقبة، ويمكن يضيع مستقبلكم بلحظات، خليكم بحالكم وركزوا على دراستكم ولا تدخلون بأمور السياسة، وابتعدوا عن التجمعات والاتحادات، لأن ما راح يجيكم منها الا عوار الراس، وأحسنوا اختيار ربعكم وزملائكم، وكذلك انتبهوا من سالفة المخالفات المرورية، لأن منها سببا كافيا لفقدان الفيزا والترحيل، عدا، لا سمح الله، الإصابات، واللي فواتيرها فلكية وأحكامها قاسية، فاستمتعوا بشبابكم وأيام دراستكم لأنها الأجمل، وهي الذكرى اللي راح تشيلونها معاكم إلى آخر العمر، فخلوها جميلة تروونها لأحفادكم، ولا تنسوا صلاتكم وصيامكم وأخلاقكم وحب وطنكم، وكونوا خير سفراء للكويت، وتذكروا المثل اللي يقول: «يا غريب كن (أديب)»، فنحن لا نقبل في الكويت أي وافد أن يتعرض لسياستنا أو عاداتنا أو تقاليدنا، او حتى ينتقد حفرة بشارع، فكيف لنا أن نقبل على أنفسنا التدخل بسياسات وعادات وتقاليد دول فتحت لنا أبوابها على مصراعيها، لتلقي العلم والمعرفة؟ والصراحة أي واحد مو عاجبه الوضع بتلك الدول فأفضل يوفر على نفسه النقد والتحلطم ويرجع ديرته، ولي وقفات قادمة وسوالف أُخرى لأبنائنا الطلبة بمقالات قادمة... وتسلمون. 

جريدة القبس في عددها الصادر الخامس من أغسطس 2025 (الرابط الإلكتروني).

متلازمة البعثات الخارجية (الاستقطاب 2) - PDF